المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: اعتبر خبير في الشؤون الدولية ان الخطة الأمريكية لنشر صواريخ متوسطة المدى في شرق آسيا تأتي في مسار خلق قدرة هجومية ضد الصين وقال: من الطبيعي أن يكون نشر هذه الصواريخ من قبل الولايات المتحدة في دول مثل أستراليا أو ربما في اليابان وكوريا الجنوبية، يمكن أن يؤدي إلى رد فعل مضاد من جانب الصين ويزيد من مستوى التوترات بين البلدين.
ذكر سيدرضا ميرطاهر، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أن الخطة الأمريكية لنشر صواريخ متوسطة المدى، أي من 500 إلى 2700 كيلومتر في شرق آسيا، تهدف إلى خلق قدرة هجومية ضد الصين، ومن المحتمل جداً أن تحتوي هذه الأسلحة على رؤوس نووية، وقال: منذ الحرب الباردة وحتى اليوم، ستكون هذه الترسانة الأولى في هذه المنطقة، والتي من المفترض أن يتم نشرها هناك بحلول عام 2024.
وأضاف: خروج الولايات المتحدة من معاهدة حظر الصواريخ النووية متوسطة المدى، التي تم توقيعها عام 1987 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي حظرت على هذه الدول بناء وامتلاك صواريخ باليستية وصواريخ كروز ذات المدى 500 إلى 5500 كيلومتر؛ بواسطة دونالد ترامب في عام 2019، منحت أمريكا الفرصة لنشر صواريخ كروز أرضية وصواريخ باليستية متوسطة المدى في أوروبا وأجزاء أخرى من العالم. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من هذه المعاهدة، سعت هذه الدولة بسرعة إلى نشر صواريخ نووية متوسطة المدى، سواء كانت كروز أو باليستية، في شرق آسيا.
وأشار الخبير في القضايا الدولية، أن أمريكا تعتقد أنه خلال الفترة التي التزمت فيها بمعاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، قامت الصين بتوسيع ترسانتها من الصواريخ متوسطة المدى، وقدر تقرير البنتاغون السنوي عن القدرات العسكرية للصين أن بكين تمتلك الآن 1500 صاروخ يبلغ مداها 1000 إلى 5500 كيلومتر، وتابع قائلاً: حققت الصين، باعتبارها إحدى القوى النووية في العالم، تقدماً سريعاً وغير عادي للغاية في مجال تصميم وتطوير وتشغيل جميع أنواع الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، واستطاعت تطوير كمية واسعة من هذه الصواريخ بمديات مختلفة من القصيرة المدى حتي الصواريخ العابرة للقارات.
وقال ميرطاهر: في الواقع، فإن إحدى ركائز القوة العسكرية للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي قوتها الصاروخية الهجومية، والتي تنتشر في شكل قواعد برية وبحرية وجوية وغواصات. وبطبيعة الحال، ومن أجل خلق مساواة استراتيجية مع الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تحاول الولايات المتحدة، بالإضافة إلى نشر قوات تقليدية، أي نشر حوالي 60٪ من قوتها البحرية في هذه المنطقة، أن تنشر صواريخ متوسطة المدى في الدول الحليفة، مثل كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا وربما إذا تمكنت في نيوزيلندا والفلبين.
وذكر أن الولايات المتحدة لا تعتبر الصين الهدف الرئيسي فحسب، بل أيضاً كوريا الشمالية، باعتبارها دولة تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من وجهة نظر واشنطن. وأضاف: من الطبيعي أن نشر هذه الصواريخ من قبل الولايات المتحدة في دول مثل أستراليا أو ربما في اليابان وكوريا الجنوبية يمكن أن يؤدي إلى رد فعل مضاد من جانب الصين وزيادة مستوى التوترات بين البلدين.
وأشار أن أمريكا تتطلع إلى استخدام هذه الصواريخ بهدف الردع ضد الصين وللرد السريع على أزمة محتملة في مضيق تايوان أو بحر الصين الجنوبي من أجل استهداف البر الرئيسي للصين، مضيفاً: تدعي أمريكا أن الصين زادت في السنوات الأخيرة، من قدراتها العسكرية إلى حد كبير للغاية وبنمو سريع، وتتابع عملية التحديث في القوات الجوية والبحرية بدرجة غير مسبوقة؛ ومن بين أمور أخرى، يمكننا أن نذكر بناء وتشغيل ثالث حاملة طائرات، وبناء قاذفات وطائرات نقل جديدة، وبناء نوعين على الأقل من الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس للقوات الجوية والبحرية.
وصرح مير طاهر: إن الإجراءات واسعة النطاق للغاية في مجال بناء وتشغيل جميع أنواع الصواريخ الباليستية، والتي، إلى جانب صواريخ كروز التي تطورها الصين وحتى الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ستزيد بشكل كبير من قدرة الصين الهجومية مع القدرة على إظهار القوة. وبطبيعة الحال، ترى الولايات المتحدة أن هذه الظروف تتعارض مع مصالحها ومصالح حلفائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتتخذ كافة أنواع الإجراءات لتحييد تحركات الصين في مجال زيادة قدرتها العسكرية وتعطيل توازن القوة العسكرية في شرق آسيا.
وأوضح هذا الخبير في الشؤون الدولية أن الصين ستتخذ بطبيعة الحال إجراءات مضادة ضد تصرفات أمريكا، مضيفاً: أن هذه الإجراءات المضادة يمكن أن تتمثل في نشر صواريخ جديدة في ما يسمى بالخطوط الأمامية أو النقاط الحدودية؛ بحيث يمكنهم استهداف القواعد الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك جزيرة غوام والقواعد الأمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية، وحتى في آسيا في حالة نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة والصين.
وأشار إلى أن هذه التحركات ستؤدي إلى عسكرة سريعة للمنطقة، قائلاً: وإن كانت الصين تستخدم جميع الفرص الجيواقتصادية المتاحة لها للتغلب على تحدياتها الجيوسياسية والجغرافية والعسكرية، إلا أن واشنطن توسع أبعاد أداء دورها و حضورها في منطقة المحيط الهادئ بصورة مستمرة وتحاول أن تجعل حلقة تطويق الصيني أكثر شمولاً وتتوسع بمرور الوقت.
0 تعليق