المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح خبير في الشأن السعودي أن السعودية تحاول الانضمام إلى المشروع المشترك لتصنيع المقاتلات مع بريطانيا وإيطاليا واليابان من أجل تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وإنشاء صناعة أسلحة محلية، وقال: تحاول الرياض بهذه الإجراءات التي يتم جزء منها بالدعاية، إظهار أن لديها قوة عالية وفي الوقت نفسه إعطاء إشارات تحذيرية للولايات المتحدة، وإظهار لمن يريد تنفيذ مشاريع مع هذه الدولة أن لها القدرة لاختيار خيارات مختلفة.
في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، في إشارة إلى بدء مفاوضات السعودية للانضمام إلى مشروع بناء جيل جديد من الطائرات المقاتلة مع بريطانيا وإيطاليا واليابان، صرح أمين برتو: الرياض طلبت بالفعل شراء مقاتلات F-35 من الولايات المتحدة في إطار تطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، لكن الولايات المتحدة لم تقدم هذه المقاتلات إلا للكيان الإسرائيلي. وحتى الوعد الذي قدمه ترامب للإمارات تم إلغاؤه؛ لأن أمريكا تعلم أنها إذا باعت هذه الأسلحة لإحدى هذه الدول العربية، فعليها أن توقع مثل هذه الاتفاقية مع الدول العربية الأخرى في المنطقة.
وذكر أن السعودية تبحث عن منافس وبديل لمقاتلات F-35 وحتى أن تكون أكثر تقدماً منها، وتابع: على عكس المشتريات السابقة التي قامت بها السعودية وأنفقت عليها مليارات الدولارات، مثل شراء “تايفون” من كونسورتيوم إنجلترا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، أو شراء “تورنادو” من إنجلترا و”F-15″ من الولايات المتحدة، والتي تواجه تهديدات مستمرة ويقول بائعوها إنهم لن يبيعوا بعد الآن ذخائرها أو نلغي خدمات صيانتها، فهي تحاول هذه المرة أن تصبح شريكةً في تصنيعها للتخلص من مخاطر العقوبات أو إلغاء المبيعات والخدمات.
وأشار هذا المحلل للقضايا السعودية إلى العقبات التي تواجه السعودية للانضمام إلى مشروع تصنيع الطائرات المقاتلة، المعروف أيضاً باسم TEMPEST ضمن برنامج “القتال الجوي” العالمي، وأضاف: رغم معارضة بريطانيا وإيطاليا، عارضت اليابان أيضاً انضمام السعودية لهذا المشروع لأسباب سياسية. بالإضافة إلى ذلك، لا تمتلك السعودية البنية التحتية التقنية اللازمة للانضمام إلى مثل هذا البرنامج المشترك، وتنظر بشكل أكبر إلى هذا التعاون بهدف المساعدة في تمويل هذا المشروع.
وتابع برتو: كان لدى اليابان في البداية خطة لتصنيع نوع من المقاتلات، وقامت بصنع نموذج أولي منها. لكن بسبب التكاليف أوقفت التصنيع، وبعد ذلك وبالتعاون مع بريطانيا شكلوا برنامج القتال الجوي العالمي. ولذلك فإن دور اليابان في الموافقة على مشاركة السعودية في هذا المشروع مهم بسبب تعاونها الفني.
وأضاف: تسعى السعودية إلى تقليل اعتمادها على أمريكا وإنشاء صناعة أسلحة محلية؛ وكما شهدنا في الأسابيع الماضية توقيع عقد كبير لشراء طائرة “أكينجي” المسيّرة من تركيا، ومن المفترض أن يتم إنتاج هذه الطائرة في السعودية. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تنجح المملكة العربية السعودية في الاستثمار في تصنيع مقاتلة “كيزيل ألماي” التركية.
وقال برتو إن السعودية أظهرت في الأشهر الماضية أنها تسعى إلى خلق ضجيج وتشكيل أجواء دعائية والتباهي في الانضمام إلى عمليات شراء الأسلحة أو التعاون في مجال التصنيع، وأوضح قائلاً: لم يتم إنتاج نموذج أولي لهذا الجيل الجديد من المقاتلات ومن المحتمل أن يتم تصنيع نموذج أولي منه في عام 2026، وبعد ذلك سيبدأون في إنتاج المحرك واستكمال أنظمة الطيران والرادار الخاص به، وباعتبار أن هذه الطائرات أيضاً بدون طيار، فإن تصنيعها ينضوي على قضايا خاصة. ولذلك، فإن إكمال هذا المشروع سينتهي عام 2035.
وبحسب هذا المحلل للشأن السعودي، فإن الرياض بهذه التصرفات، التي جزء منها دعائي، تسعى إلى إظهار أنها تتمتع بقوة عالية، وفي الوقت نفسه تعطي إشارات تحذيرية لأمريكا وتظهر لمن يريد أن يقوم بمشاريع مع هذا البلد أن لديها خيارات مختلفة للعب.
وذكر أنه من خلال تحليل التوازن العسكري في المنطقة يمكن القول إن إرادة القوى العالمية هي ألا يكون أي طرف في المنطقة أعلى من الكيان الإسرائيلي، وخاصة في مجال الأسلحة الجوية، أن يمتلك الكيان الإسرائيلي القوة الأعلى؛ مؤكداً: كانت لدى أمريكا، وبالتالي أوروبا، هذه الإرادة، وحاولت قوى أخرى أيضاً مراعاة هذا التوازن. كما راعت روسيا والصين هذه الملاحظة أن الأسلحة التي تبيعها لدول الشرق الأوسط لا تخلق اتجاهاً يخل بالتوازن العسكري ضد الكيان الإسرائيلي، خاصة في الجو، وإلى حد ما في البحر والبر. ولا تزال أقوى الجيوش في المنطقة أضعف بكثير من إسرائيل، والشركات تتبع البروتوكولات الأمريكية فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة.
وتابع برتو: على سبيل المثال، رغم أن تركيا تمتلك جيشا قوياً، إلا أنها لا تزال أضعف من إسرائيل. وحتى الدول العربية التي تنفق مبالغ ضخمة لشراء الأسلحة لديها مستوى أقل بكثير لأن هناك محاولات لإبقاء قوتها العسكرية أقل من إسرائيل.
اعتبر هذا الخبير في القضايا السعودية أن شراء هذه الأسلحة الجديدة غير متناسب مع مستوى التهديدات التي تقيّمها السعودية في المنطقة وأضاف: هذا الجيل الجديد من الطائرات المقاتلة هو أيضاً أكثر تكلفة بكثير للصراعات المحتملة في اليمن وأكثر تقدماً مما تحتاجه السعودية في الحرب البسيطة ضد اليمن. فالطائرات المسيّرة التي اشترتها السعودية من تركيا أكثر اقتصاداً وأسهل في الاستخدام، لذا فهي أكثر فعالية.
وصرح قائلاً: إن شراء هذه الأسلحة سيؤدي إلى تحسين المكانة العسكرية للسعودية على المدى الطويل، بينما تسعى الدول العربية أيضاً إلى اكتساب الهيبة من خلال شراء الأسلحة، وفي بعض الأحيان من الممكن أن هذا المستوى من الأسلحة بهذه القدرات والتي سيتم إنتاجها بعد عقد ونصف من الزمن، لا يتمتع بالكثير من المبررات.
وقال برتو: إن جزءاً كبيراً من مشتريات المقاتلات المهمة المصنوعة في إنجلترا في العقود الأربعة أو الخمسة الماضية، كانت من خلال طلبات السعودية. طلبت السعودية 72 طائرة تايفون واستلمتها، والآن طلبت 48 طائرة أخرى، لكن ألمانيا خلقن تحديات حيالها. ولذلك فإن بيع المقاتلات للسعودية له قيمة اقتصادية خاصة بالنسبة لإنجلترا. ويشكل الدخل الناتج عن بيع الطائرات الحربية للسعودية مصدر دعم لإنجلترا. وعلى الرغم من أنه يبدو من غير المرجح أن تتمكن السعودية من المشاركة في إنتاج هذه المقاتلات وقد لا تتمكن إلا من تقنية تجميع هذه الطائرات، إلا أنها بالتأكيد ستكون المستفيدة من هذا الجيل الجديد من الطائرات المقاتلة وفي عام 2040، ستمتلكها في ترسانتها. في تلك المرحلة، يجب أن نرى كيف ستكون البيئة الأمنية في المنطقة، وهل سيتجه الكيان الإسرائيلي أيضاً نحو مقاتلات أكثر تقدماً؟
0 تعليق