المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: صرح خبير في الشؤون الدولية أن إستراتيجية روسيا هي زيادة الضغط على العمق الأوكراني لإجبارهم على الاستسلام أو خفض حدة هجماتهم، قائلاً: "أثار بعض المسؤولين والأحزاب اليمينية والقوميين الأوروبيين مخاوف بشأن الانخفاض الحاد في مخزونات الأسلحة والخسائر الفادحة الناجمة عن الصراع في حرب أوكرانيا".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، إذ أشار سيدرضا ميرطاهر إلى قلق الأمين العام لحلف الناتو من استعداد روسيا لحرب طويلة في أوكرانيا، تطرق للتطورات على أرض المعركة قائلاً: “الحرب في أوكرانيا أنهت شهرها العاشر ولا يوجد حتى الآن أي أمل في نهايتها. على الرغم من وجود مقترحات لإحلال السلام بين الجانبين، إلا أنهما لم يقبلا بها. من بينها، الاقتراح الذي قدمه هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأسبق للولايات المتحدة، ورفضه رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي”.
وذكر أن الولايات المتحدة قد وفرت عملياً الأرضية لاستمرار الحرب في أوكرانيا وحتى تعميقها وتوسيعها، مضيفاً: “يمكن ملاحظة هذا الأمر من خلال إدراج مبلغ 800 مليون دولار في ميزانية الدفاع لعام 2023 واقتراح خطة بقيمة 38 مليار دولار لإرسال مساعدات عسكرية أمريكية إلى أوكرانيا. في الوقت نفسه، يريد حلفاء الولايات المتحدة المقربون، خاصة بريطانيا، أيضاً استمرار هذه الحرب. فمثلاً أعلن مؤخراً رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال زيارته لأوكرانيا، أن حزماً جديدة من الأسلحة البريطانية في الطريق”.
وأكد المحلل للقضايا الدولية: “إن مجموعة هذه القضايا تقودنا إلى الاستنتاج بأن الولايات المتحدة لا تزال ترغب في إطالة أمد الحرب لأسباب مختلفة. بالطبع، هناك بعض نقاط التحول في هذا المجال. من بينها إعلان روسيا أن إرسال تلك الأسلحة التي يمكن أن تغير بشكل حاسم نتيجة الحرب هو خطها الأحمر. وفي هذا الصدد، أثار الإعلان عن قرار الولايات المتحدة إرسال أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي باتريوت إلى أوكرانيا، رد فعل قوي لروسيا حيث أعلنت أنها في هذه الحالة ستستهدف تلك الدول والشحنات، وستعتبر الأمر مواجهة مباشرة مع روسيا”.
وبيّن ميرطاهر أنه يبدو أن الولايات المتحدة تنوي تسليم تلك الأنظمة لأوكرانيا مضيفاً: “في هذه الحالة، ستزداد قدرة كييف على مواجهة صواريخ كروز التي تطلق من القاذفات الروسية على مناطق مختلفة من أوكرانيا بشكل كبير، وستصبح سماء أوكرانيا غير آمنة للغاية بالنسبة للمقاتلات الروسية وهذا سيؤثر بشكل سلبي جداً على الكفاءة التشغيلية والفعالية القتالية للطائرات والصواريخ الروسية”.
وتابع: “إذا تم إرسال هذه الأسلحة من قبل الولايات المتحدة، فيمكن توقّع أن الروس ربما يتخذون خطوة انتقامية، وهذه الخطوة ستزيد بشكل كبير من احتمال المواجهة بين الناتو وروسيا. في هذا السياق يحذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بانتظام من أنه لا ينبغي الاستهانة بروسيا. مع ذلك، في الوقت نفسه، يؤكد بعض المسؤولين والخبراء الغربيين أن روسيا لا تنوي استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا”.
وفي إشارة إلى الأوضاع في ساحة المعركة والتقدم الذي أحرزه الطرفان في ميدان المعركة، أضاف الخبير في الشؤون الدولية: “في الوضع الحالي يبدو أنه بسبب فصل الشتاء تقلص حجم المواجهات والطرفان أكثر انشغالاً بتعزيز مواقعهما؛ على الرغم من أن الروس قد حققوا مؤخراً مكاسب ميدانية في مقاطعة دونيتسك، التي تعد من وجهة نظر موسكو أراضي روسية إضافة إلى لوغانسك وخرسون وزابوروجيا، لكن من المتوقع الآن أن يركز الروس ضغطهم على خلف الجبهات بدلاً من جبهات القتال نفسها”.
وقال ميرطاهر: “مع حلول الشتاء القارس في أوكرانيا، استهدف الروس منشآت البنية التحتية الأوكرانية في أجزاء مختلفة من البلاد، وخاصة باستخدام الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، بحيث يقال إن 80٪ من أوكرانيا تعاني الآن من حالة انقطاع للتيار الكهربائي؛ وقد وصل الأمر لدرجة أن زيلينسكي طلب من المواطنين مغادرة كييف”.
وذكر أن إستراتيجية الروس هي إجبار الأوكرانيين على الاستسلام من خلال زيادة الضغط على عمق الأراضي الأوكرانية أو دفعهم إلى تقليل شدة هجماتهم، مردفاً: “هذا الأمر قد حدث في العديد من الحروب، بما في ذلك الحرب العالمية الثانية إذ وجه الحلفاء ضربات شديدة للقوة القتالية لألمانيا النازية من خلال استهداف خلف الجبهات بقصف مكثف للغاية. الآن، تتبنى روسيا نفس السياسة، والسبب في سعي الأوكرانيين الجاد لاستلام نظام باتريوت الجوي من الولايات المتحدة هو أنهم يستطيعون استخدامه لمواجهة الصواريخ وحتى الطائرات بدون طيار الروسية بفعالية.
اعتبر الخبير في الشؤون الدولية أن المخاوف التي أعرب عنها بعض المسؤولين الأوروبيين بشأن استمرار الحرب صدرت أكثر من مسؤولين في دول معينة مثل فرنسا أو أحزاب وشخصيات معارضة وأضاف: “تثير الأحزاب اليمينية والقومية مخاوف بشأن الانخفاض الحاد في مخزونات الأسلحة والخسائر الفادحة من جراء الصراع في أوكرانيا. هذه القضية صحيحة إلى حد كبير فيما يتعلق بالدول الأوروبية. لأن الحرب جلبت عليهم عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة”.
وأكد: “على عكس الولايات المتحدة التي تملك النفقات العسكرية الأعلى في العالم ووافقت على ميزانية عسكرية قدرها 850 مليار دولار لعام 2023، كانت العديد من الدول الأوروبية مترددة في تعزيز قوتها العسكرية وزيادة هذه الميزانيات قبل حرب أوكرانيا، وبالمناسبة كان أحد خلافات ترامب الجدية مع بعض الدول الأوروبية في هذا المجال”.
وذكر ميرطاهر: “هناك فجوة زمنية كبيرة بين إعلان زيادة الميزانيات العسكرية وتنفيذها من قبل الدول الأوروبية، ولا تُستلم المعدات والذخيرة بمجرد زيادة الميزانيات. سوف يستغرق الأمر وقتاً إما لشرائها من دول أجنبية أو إنتاجها محلياً. لذلك، هناك قلق الآن في أوروبا من أن استمرار الحرب في أوكرانيا وخاصة الشحن المستمر لذخائر مثل قذائف المدفعية والصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات، سيؤدي إلى استنفاد ترسانة أسلحة الدول الأوروبية”.
وذكر أنه في الأشهر العشرة الماضية، تمكنت روسيا من إبطال مفعول آثار العقوبات الغربية إلى حد كبير أو التكيف معها، قائلاً: “لذلك، من المتوقع أن يصل الروس تدريجياً إلى وضع متوازن ومستقر يمكنهم من توفير احتياجاتهم من الأسلحة والحصول عليها من بعض البلدان. بهذه الطريقة، سوف يستمرون في الحرب”.
0 تعليق