المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: أصبح نبأ اتفاقية تطوير التعاون العسكري بين بريطانيا والهند قضية مهمة في المجتمع الدولي؛ تهدف هذه الاتفاقية وفقًا لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى توسيع التعاون الأمني والدفاعي لتحقيق ما يسمى السلام والأمن العالمي.
حسين سياحي ـ باحث في القضايا الدولية
هذه الاتفاقية والتي وقعها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تغطي خمسة مجالات من القضايا البرية والبحرية والجوية والفضائية والإلكترونية، بالإضافة إلى القضايا الأمنية، ودعم تصميم وبناء طائرات مقاتلة هندية جديدة، وتطوير الغواصات أيضاً وتقنيات جديدة لكشف ومواجهة التهديدات في منطقة المحيط الهندي.
ويعتقد جونسون أن العالم اليوم يواجه تهديدات متزايدة من “الحكومات الاستبدادية” القضية التي بعد انتشار نبأ هذه الاتفاقية يمكنها أن تكون إشارة إلى الصين وباكستان.
ولكن بغض النظر عن الاستعداد النسبي للصين للرد على الاتفاقية، فإن العواقب بالنسبة لباكستان كبيرة أيضاً. قال رئيس الوزراء السابق عمران خان وقبل الإطاحة به: أن هنالك دولة عظمى غاضبة من إسلام أباد، بسبب زيارته لموسكو ولقاءه بفلاديمير بوتين وبالتالي دعمت حليفتها الهند ويبدو أن الدولة التي يشير اليها عمران خان كدولة قوية، هي بريطانيا وبالتالي، فإن قضية اتفاقية الهند وبريطانيا يمكن أن يكون لها تأثير كبير على استدلال إسلام أباد على دعم لندن لنيودلهي، مما يتطلب من الدولة تقييم النتائج الاستراتيجية المحتملة والعمل المتبادل.
على الرغم من علاقات الهند الوثيقة مع الاتحاد السوفيتي حتى عام 1991، كانت باكستان حليفة تقليدية للمعسكر الغربي خلال الحرب الباردة. بطبيعة الحال، لم تمنع العلاقات الوثيقة بين باكستان والكتلة الغربية، الولايات المتحدة من إقامة ثنائية القطبية في شبه القارة الهندية بعد الحرب الباردة، في وقت كانت تعتبر نفسها القوة العظمى الوحيدة في العالم. إن إقامة التوازن النووي بين البلدين هو مثال حي لمحاولة ايجاد توازن القوى الذي أوجدته واشنطن لتحقيق الاستقرار في المنطقة بين الهند وباكستان، لكن هذا الإجراء لم يكن قادراً على تخفيف التوترات والنزاعات بين البلدين. كما يجب النظر إلى سباق التسلح وزيادة القوة العسكرية للبلدين وأن يكون بما يتماشى مع خطة الردع الخاصة بهما ضد بعضهما البعض. على سبيل المثال، تم الرد على شراء الهند لطائرات رافال المقاتلة الفرنسية من خلال شراء باكستان لطائرات مقاتلة صينية، على الرغم من أن هذه الإجابة ربما لم تكن كافية، لكنها تظهر جدية باكستان في الحفاظ على توازن الردع العسكري ضد الهند. لكن الآن، وبغض النظر عن سباق التسلح المستمر، ماهي تداعيات الاتفاقية الأمنية بين بريطانيا والهند على باكستان؟
من الواضح أن دخول بريطانيا في اتفاقية دفاعية أمنية مع الهند ودعمها لبرنامج بناء طائرات مقاتلة هندية يمكن أن يكون غير آمن لإسلام أباد. على الرغم من أن باكستان نفسها تتبع برنامجاً لإنتاج مقاتلات محلية، يبدو أن التكنولوجيا والبنية التحتية الهندية سيكون لها اليد العليا في هذا الصدد. لكن هناك سببان يمكن أن يخففا مخاوف باكستان. أولا، على الرغم من تفوق الهند، لا ينبغي لباكستان أن تقلق كثيرا بشأن اكتساب نيودلهي السلطة من حيث التسلح العسكري، لأنه بالتوازي مع الدعم العسكري الهندي من الغرب، وخاصة بريطانيا، ستسعى الصين إلى زيادة قوتها العسكرية على الحدود المتنازع عليها مع الهند ويمكن أن تشكل علاقة بكين بإسلام آباد المتقاربة تحدياً كبيراً لنيودلهي. إضافة إلى ذلك، فإن قرب بريطانيا من الهند لا يهدف فقط إلى مواجهة باكستان، ويبدو أن لندن تسعى لتحقيق أهداف أكبر. في فترة ما بعد الانتخابات، وخاصة في البعد الاقتصادي، تسعى بريطانيا لاستخدام قدرات آسيا. فيما يتعلق بالأمن، فإنها بالتقرب من الهند، تنتهج سياسة إبعاد الهند عن روسيا، فضلاً عن جذب هذا البلد إلى تحالف لاحتواء الصين.
وجهي العملة
بشكل عام، يمكن الاستدلال على أن هذه الاتفاقية لها وجهان مختلفان. اولاً فإن العواقب التي لا يمكن إصلاحها لمثل هذا الاتفاق ستكون أقل بالنسبة لباكستان كما ذكرنا سابقاً، فان تقرب الغرب وخاصة بريطانيا من الهند، بهدف تقريب الهند للمعسكر الغربي وتقليل اعتمادها العسكري والطاقوي على روسيا، فضلاً عن زيادة مشاركتها في الاحداث الأمنية مثل معاهدة الرباعي، لاحتواء ومواجهة تهديدات الصين. في الوقت نفسه، فإن زيادة استعداد الهند للمشاركة في خطط مكافحة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ستمهد الطريق لتهدئة العلاقات مع باكستان. بينما تقلل الهند من التنافس والصراع مع إسلام أباد، فإنها ستجمع تركيزها الاستراتيجي وقوتها القصوى على مواجهة الصين. لذلك مع تنصيب رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف، تم تبادل اشارات إيجابية بين البلدين، حيث تحدث الجانبان عن تحسين العلاقات بعد فترة من التوتر.
لكن من ناحية أخرى، يمكن أن تخل الاتفاقية بتوازن القوى، وتزيد من سباق التسلح بين الهند وباكستان، فضلاً عن احتمال حدوث أخطاء في التقدير من قبل أي من الجانبين. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز السلطة لدى الهند يقرب باكستان من الصين القضية التي يبدو أن المعسكر الغربي لا يرغب بها، وقد أخذتها لندن و نيودلهي في الاعتبار في حساباتهما.
0 تعليق