المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشأن الأمريكي عن توجه البيت الأبيض تجاه اختبار كوريا الشمالية صاروخاً فرط صوتي: "في الوقت الراهن، ليست بيد الولايات المتحدة ورقة سوى العقوبات؛ لأنها تعرف أنه لا يمكن اللجوء إلى خيار الحرب لتسوية مشكلة كوريا الشمالية و لا سبيل سوى الدبلوماسية".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، قال أمير علي أبو الفتح: “منذ سبعة عقود، تعيش الولايات المتحدة وكوريا الشمالية حالة هدنة”.
ولفت أبو الفتح إلى الحرب التي اندلعت بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية خلال عامي 1950 و 1953، مضيفاً: “بعد ما توقفت الحرب، وقع البلدان اتفاقية هدنة فحسب وليس اتفاقية سلام. لذلك، من منظور القانون الدولي، تعيش واشنطن وبيونغ يانغ حالة هدنة”.
وإذ أوضح أن الجهد الأمريكي في مواجهة كوريا الشمالية على مدار السنوات الأخيرة كان منصباً بالكامل على احتواء هذا البلد، تابع قائلاً: “قبل صنع بيونغ يانغ السلاح الذري، كان السعي الأمريكي باتجاه دفع كوريا الشمالية نحو مراعاة مصالح الولايات المتحدة في شرق آسيا في الدرجة الأولى، وتجنبها شن هجوم جديد على كوريا الجنوبية ثانياً، والسعي إلى الإطاحة بالنظام الشيوعي في كوريا الشمالية ثالثاً”.
وأضاف: “بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بشكل خاص، تعززت الآمال في أن تصل الموجة المناهضة للشيوعية بعد اجتياح أوروبا الشرقية إلى كوريا الشمالية والصين وأن يتم إسقاط الأحزاب الشيوعية في البلدين؛ الأمر الذي لم يحدث”.
ووفقاً للخبير، في الوقت الحالي تركز واشنطن على الحيلولة دون تطور القدرات النووية الكورية الشمالية؛ لأنه لا طريق للعودة متاح. وأكد على أنه حتى جولات المحادثات الثلاث التي أجراها دونالد ترامب مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، لم تؤد إلى فتح طريق لتخلي الأخير عن السلاح الذري”.
وأردف أبو الفتح: “لذلك، فإن استمرار العقوبات هي الورقة الوحيدة الموجودة لدى الولايات المتحدة حالياً”.
في نفس الوقت، أكد الخبير على أن العقوبات على كوريا الشمالية فقدت فاعليتها إلى حد كبير لسببين، موضحاً: “الأول؛ لم يبق هناك شيء لفرض العقوبات عليه؛ ما يعني أن زيادة العقوبات لن تؤدي إلى زيادة الضغوط الاقتصادية على بيونغ يانغ. السبب الثاني وراء عدم فاعلية العقوبات هو أن كوريا الشمالية تعول على الدعم الصيني الحازم؛ حيث استطاعت إبطال مفعول عقوبات البيت الأبيض خلال كل السنوات الماضية بمساندة بكين”.
وشدد أبو الفتح على أن “التراجع المستمر للعلاقات بين واشنطن وبكين يوفر متنفساً لكوريا الشمالية ومجالاً أوسع لمواجهة العقوبات؛ بمعنى أن ورقة العقوبات الأمريكية لن تكون ذات فاعلية ملحوظة في مواجهة كوريا الشمالية”.
وفي ما يتعلق بالعقوبات الأمريكية المتزايدة ضد بعض الدول، قال الخبير في الشأن الأمريكي: “بلد مثل كوريا الشمالية تأقلم بشكل ما مع العقوبات ويمضي قدماً في برامجه؛ أي لا يزال يعزز قدراته الصاروخية والنووية. في المقابل، تواصل واشنطن سياستها تجاه بيونغ يانغ بتوظيف العقوبات”.
ورأى الخبير أنه بمضي الوقت تتراجع فاعلية العقوبات أكثر؛ في هذا السياق، تحذر التقارير الصادرة عن المؤسسات والأوساط النخبوية في الولايات المتحدة من أن الاستخدام المتكرر لسكين العقوبات أفقده حدته وأكسب الدول الخاضعة لها مناعة ضدها.
وإذ أكد الخبير في الشأن الأمريكي على أنه لا خيار سوى المفاوضات لتسوية ملف كوريا الشمالية، قال: ” الحرب مع كوريا الشمالية جنون تام وهو حقيقة يعرفها العالم أجمع. لذلك، لا تُحمل التهديدات بشن الحرب على محمل الجد عادة ويعرف الكوريون الشماليون كذلك أن هذه التصريحات ليست أكثر من عنتريات”.
وأوضح أبو الفتح الفارق بين إدارة بايدن وإدارة ترامب في نظرتهما إلى موضوع كوريا الشمالية، قائلاً: “لم يطرأ تغيير على نظرة المسؤولين الأمريكيين إلى بيونغ يانع؛ مع ذلك، كانت لدى ترامب رؤية مختلفة للأمر مقارنة بباقي الرؤساء الأمريكيين سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين؛ إذ كان يتصور أن كونه تاجراً ناجحاً يجيد فنون التفاوض سيمكّنه من تسوية المشاكل بعقد لقاء أو لقاءين مع زعيم كوريا الشمالية”.
وأردف قائلاً: “لذلك، التقى الرئيس الأمريكي السابق بكيم جونغ أون وهو ما لم يفعله الرؤساء الأمريكيين السابقين اعتقاداً منهم بأن أي اتصال مع بيونغ يانغ يعني شرعنة النظام الشيوعي الذي تعتبره الولايات المتحدة حكماً ديكتاتورياً لعائلة كيم”.
واختتم أبو الفتح بالتأكيد على أن تجربة ترامب تجاه كوريا الشمالية لم تكن مثمرة كذلك.
0 تعليق