المجلس الاستراتیجي أونلاين ـ حوار: قال أحد كبار الباحثين في الشؤون الدولية حول قرار جو بايدن الأخير لبيع أسلحة للسعودية: "بما أن جو بايدن عارض بيع الأسلحة للسعودية وأعلن ذلك أيضاً، فخطوته الآن تثير بعض التساؤلات؛ ومع ذلك، قال مسؤولو حكومته إن هذه الأسلحة دفاعية وليست هجومية."
صرح رحمن قهرمانبور في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية: “عندما تم انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، كانت إحدى سياساته وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية في يناير 2020. وبالنظر إلى انتقادات الديمقراطيين للسعودية، خاصة بعد اغتيال جمال خاشقجي، فإن تبني هذه السياسة لم يكن بعيد المنال؛ لكن أُعلن مؤخراً أن وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون قد اتفقا على بيع 280 صاروخاً جو-جو قصير المدى وحوالي 596 قاذفة صواريخ للسعودية. وجاءت صفقة الأسلحة بعد توقيع صفقة بقيمة 500 مليون دولار لصيانة طائرات هليكوبتر سعودية في سبتمبر.”
وأضاف: “من ناحية أخرى، يبدو أن أمريكا تقوم أيضاً ببناء بعض المنشآت العسكرية في غرب المملكة العربية السعودية وقد نشرت إعلاناً عن مناقصة بهذا الصدد.”
ومشيراً إلى أن السؤال الآن هو لماذا اتخذت حكومة بايدن مثل هذه الخطوة الآن، على الرغم من تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية، أوضح قهرمانبور: “وقد استشهد مسؤولو حكومة بايدن بعدة أسباب لتبرير هذه الخطوة؛ السبب الأول أنهم أصروا على أن هذا الاتفاق يتماشى مع سياسة بايدن لبيع أسلحة دفاعية بحتة إلى المملكة العربية السعودية؛ أي بينما تم بيع الأسلحة الهجومية أيضاً في عهد ترامب، يصر بايدن على أنه لا يتم بيع أي سلاح سوى الأسلحة الدفاعية لهذه الدولة، وأن هذه الأسلحة لا تستخدم ضد المواطنين السعوديين أو تصعيد الحرب في اليمن من قبل السعوديين.”
وأكد الباحث في الشؤون الدولية والشرق الأوسط: “عند الاستعراض الشامل لهذا المشهد، فإن هذه الصفقة لها سبب رئيسي واحد، وهو طمأنة الولايات المتحدة لحلفائها في المنطقة؛ أن يكون هؤلاء الحلفاء قادرين على الدفاع عن أنفسهم ضد التهديدات إذا تم تقليص الالتزامات العسكرية الأمريكية في المنطقة. كما ذكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في بيان صدر بمناسبة بيع الأسلحة للسعودية، صراحة أن الغرض من بيع هذه الصواريخ جو – جو قصيرة المدى للرياض هو أن تكون السعودية قادرة على الدفاع عن نفسها ضد هجمات الحوثيين.”
وأضاف: “لذلك، يبدو أن الهدف الأساسي لأمريكا في هذا الإجراء هو بناء الثقة مع حلفائها حتى يدركوا أنهم يستطيعون ضمان أمنهم بعد تقليص الالتزامات الأمريكية في المنطقة.”
تصور أيضاً الخبير سبباً آخر لعمل بايدن هذا وأكد: “قبل نحو شهر، في نفس الوقت الذي وصلت فيه المحادثات النووية إلى طريق مسدود، أُعلن أن واشنطن تريد اتخاذ بعض الخطوات للضغط على إيران وإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات. كانت الحجة أن الولايات المتحدة كانت تتفاوض مع الصين لتقليل مشتريات النفط من إيران، بالنظر إلى أن السعودية والإمارات وإسرائيل هم المعارضون الرئيسيون للعودة إلى الإتفاق النووي مع إيران، فإن مبيعات الأسلحة إلى الرياض في مثل هذا الوقت قد تعني أن الولايات المتحدة تعزز قوة السعودية العسكرية.”
وفقًا للخبير، الهدف الأمريكي هو إقناع السعودية بعدم القلق كثيراً بشأن أمنها وتحذير إيران أيضاً من أنها إذا لم تعد إلى طاولة المفاوضات ولم يتم إحياء الاتفاق النووي، فقد يزيد البيت الأبيض مبيعاته من الأسلحة إلى حلفائه.
أضاف قهرمانبور: “من المهم الآن معرفة ما إذا كانت هذه السياسة ستستمر أم أن المبيعات ستكون محدودة.”
ومضى مشيراً إلى دور الكونغرس وأوضح: “لا يتطلب بيع هذه الأسلحة إلى السعودية تصريحاً من الكونغرس، لكن يمكن للكونغرس منع تصريح البيع. حتى الآن، لم ترد أنباء عن معارضة الكونغرس لذلك؛ ولكن إذا عارض الكونغرس ذلك، فسيتم الانتهاء من الصفقة التي تبلغ قيمتها 650 مليون دولار والتي أبرمتها شركة خاصة.”
وأوضح قهرمانبور أيضاً تداعيات هذا الإجراء قائلاً: “تعود إحدى تداعيات مبيعات الأسلحة إلى منطقة مأرب في اليمن؛ لأن هذه المنطقة منطقة إستراتيجية وتربط شرق اليمن وغربه. وتدور هناك معركة شرسة بين الحوثيين وأنصار منصور هادي. في مثل هذه الحالة، إذا تمكن الحوثيون من الاستيلاء على مارب، فيمكنهم بسهولة الذهاب إلى شرق اليمن.”
وأكمل: “من غير المعروف في هذا الوقت، هل يمكن أن يعني بيع هذه الكمية من الصواريخ للسعودية أن الولايات المتحدة تريد أن يكون للرياض اليد العليا في ساحة المعركة. لأن عودة السعودية إلى طاولة مفاوضات السلام اليمنية والموافقة على هذا السلام يُشترط بعدم خسارة السعودية للمأرب.”
ومشيراً إلى أن الرياض تسعى إلى كسب اليد العليا على الحوثيين في هذه المنطقة وعلى الساحة الميدانية، ومن ناحية أخرى يحاول الحوثيون أيضاً أن تكون لهم اليد العليا على طاولة المفاوضات من خلال الاستيلاء على مأرب؛ أردف قهرمانبور قائلاً: “لذلك، فإن إحدى الفرضيات هي أن صفقة الأسلحة هذه يمكن أن تعزز مكانة السعودية في مأرب. ومع ذلك، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بسياستها لإنهاء الحرب في اليمن؛ وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن الأمريكيين يبررون القضية بالقول إنه إذا كان للسعوديين اليد العليا في تلك المنطقة، فإنهم سيكونون مستعدين للسلام. لكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا سيحدث بالفعل.”
وأخيراً، أكد على أن بيع هذه الكمية من الأسلحة للسعودية في الوضع الحالي قد يكون له بعض التأثير النفسي على ساحة الحرب اليمنية.
0 تعليق