المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: قال خبير في الشؤون الأوروبية: حسب تقرير صحيفة الغارديان فإن الاتحاد الأوروبي توصل إلى اتفاق بشأن سحب الأرباح من الأصول الروسية المجمدة لشراء أسلحة ومساعدات لأوكرانيا. وبما أن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق إزاء العواقب القانونية المترتبة على مصادرة الأصول الروسية بالكامل، وبما أن موسكو ليس لها الحق القانوني في سحب هذه الأموال، فقد قرر استخدام الأرباح من الأصول فقط لمساعدة أوكرانيا.
أشار مرتضى مكي، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، إلى أن عملية التطورات السياسية والميدانية في أوكرانيا واجهت صعوداً وهبوطاً في شكل وحجم الدعم المالي والعسكري لهذا البلد في الآونة الأخيرة. وقال: “بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية شاملة، كانت الأداة الأخرى للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في الضغط على روسيا هي الاستيلاء على الأصول الروسية في بنوك الدول الغربية.
وأضاف: “خلال أكثر من عامين، أراد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دائماً استخدام هذه الأصول لدفع ثمن حرب أوكرانيا مع روسيا؛ لكن الدول الغربية والاتحاد الأوروبي كان لها اعتبارات سياسية خاصة في هذا الصدد”.
وبحسب هذا الخبير، فإن أحد هذه الاعتبارات كان أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي في حدّ ما، وستضطر روسيا وأوكرانيا إلى التوصل إلى حل وسط لوقف إطلاق نار مؤقت أو دائم تحت إشراف شامل من حلف الشمال الأطلسي. وفي هذه الحالة فإن مصادرة الأصول الروسية يمكن أن تجعل مواقف هذا البلد أكثر صعوبة تجاه الحكومات الأوروبية والأمريكية فيما يتعلق بكيفية التوفيق في الحرب الأوكرانية.
أكد مكي على أنه “على أي حال، كان لدى الحكومات الأوروبية دائماً نظرة جزئية بشأن إعادة العلاقات مع روسيا واستخدام القوة الناعمة إلى جانب العقوبات الاقتصادية والعسكرية ضد موسكو. وتشير المواقف المختلفة التي اتخذتها الحكومات الأوروبية بشأن كيفية التعامل مع الأزمة في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة إلى اختلاف وجهات النظر نفسها بشأن الحرب في أوكرانيا”.
وتابع الخبير في الشؤون الأوروبية: “إذا كان تقرير صحيفة الغارديان حول استخدام الأصول الروسية في البنوك الأوروبية لدفع مبالغ الأسلحة إلى أوكرانيا صحيحاً، فإننا عند نقطة تحول جديدة في نهج الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا”.
وأشار مكي أيضاً إلى رد فعل روسيا على هذا الإجراء وقال: “رد فعل روسيا يمكن أن يعقد أبعاد تعاملات روسيا السياسية والعسكرية مع أوكرانيا وداعميها الغربيين. لذلك، علينا أن ننتظر لنرى ما هي الاستراتيجيات التي ستستخدمها روسيا لمواجهة هذا الإجراء من جانب الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف: “قبل ذلك هددت روسيا بمصادرة ممتلكات الحكومات الغربية في هذا البلد. وبطبيعة الحال، لا تتوفر حتى الآن إحصائيات دقيقة حول أصول الدول الغربية في روسيا ومقدارها، والتي يمكن من خلالها القول بأي تكلفة تريد الحكومات الأوروبية استخدام أصول روسيا التي تم تجميدها في أوروبا من أجل الحرب في أوكرانيا”.
ويرى هذا الخبير في القضايا الأوروبية أن المواقف التي اتخذها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأسابيع الأخيرة بشأن اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه روسيا من خلال إبرام اتفاقيات أمنية بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا تتمحور حول ترسانة فرنسا النووية، تظهر حقيقة أنه بقدر ما نرى انقسامات وفجوات في كيفية دعم أوكرانيا داخل الولايات المتحدة، لكن داخل الاتحاد الأوروبي، فإن مواقف بعض الحكومات الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وبعض دول أوروبا الشرقية، تظهر مدى جدية التعامل مع روسيا بشكل أكثر شدة”.
وأوضح: “الحكومات الأوروبية قلقة للغاية من عودة ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل واتخاذ مواقف مختلفة عن مواقف الديمقراطيين بشأن حرب أوكرانيا. وإذا حدث ذلك، ربما لا يكون أمام الحكومات الأوروبية خيار سوى الاصطفاف مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بأوكرانيا، مع الأخذ في الاعتبار الفجوة بينهما. بطبيعة الحال، فإن بعض الحكومات، مثل ألمانيا، التي تعارض تفوق فرنسا السياسي والعسكري في أوروبا، لم تصطف مع ماكرون”.
وأكد مكي: بالنظر إلى عدم الإنسجام والإفتقار إلى التماسك والوحدة بين الحكومات الأوروبية، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض لا تترك لها أي خيار سوى اتباع سياسات البيت الأبيض تجاه روسيا. أعلن ترامب أن لديه خططاً لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وبالنظر إلى أنه حاول أن يكون له موقف مرن تجاه روسيا خلال السنوات الأربع التي قضاها كرئيس، فمن غير المستبعد أن يسعى إلى التوصل إلى تسوية مع روسيا بشأن حرب أوكرانيا هذه المرة أيضاً. وبما أن حوالي 70% من المساعدات العسكرية لأوكرانيا تقدمها الولايات المتحدة، فإذا أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها، فسيكون ذلك فعالاً للغاية في تحديد مسار الحرب.
واختتم الخبير بالقول: “إن عدم اليقين بشأن نهاية الحرب في أوكرانيا أدى إلى شكوك لدى بعض الحكومات الأوروبية بشأن استخدام الأصول الروسية في البنوك الأوروبية لتمويل الحرب في أوكرانيا. لأنهم لا يريدون رفع حدة التوتر مع روسيا إلى درجة يصعب معها إيجاد حل لوقف الحرب في أوكرانيا”.
0 تعليق