المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: ذكر خبير في الشؤون الدولية أن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء وتعزيز شبكة من التحالفات، وتتابع دفع هذه الاستراتيجية إلى الأمام في أوروبا وشرق آسيا، قائلاً: "الولايات المتحدة، من خلال إطلاق خطة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، تحاول ربط بعض حلفائها وشركائها في أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ وإنشاء إطار وشبكة من العلاقات الاقتصادية والتجارية التي لها تداعيات استراتيجية، خاصة على صعيد المنافسة مع الصين واحتوائها".
في حوار مع موقع المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، أشار مهدي شابوري إلى إزاحة الستار عن خطة لإنشاء ممر بين الهند والدول العربية وأوروبا على هامش اجتماع مجموعة العشرين في الهند، موضحاً: “هذا المشروع سيربط الهند – عبر البحر – بالإمارات ومن ثم إلى السعودية والأردن والأراضي المحتلة وصولاً إلى أوروبا، ويقال أنه سیكتمل بحلول عام 2027، بميزانية تخصَّص في إطار مبادرة البوابة العالمية التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي من المفترض أن تشتمل على استثمارات بقيمة 300 مليار يورو في البنية التحتية للدول النامية والدول الناشئة وكمنافس لمبادرة “الحزام – الطريق” الصينية. ويرتبط إنشاء هذا الممر بتطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والسعودية كذلك”.
وأشار إلى تصريحات أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بأن التطبيع سيحدث على الأرجح مطلع العام المقبل، وأكد على ترحيب محمد بن سلمان بإنشاء هذا الممر الاقتصادي قائلاً: “يعتقد بن سلمان أنه بإمكان الشرق الأوسط أن يصبح مثل أوروبا، ويرحب في هذا الصدد بمثل هذه المشاريع التي تعمل على توسيع العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجي. مع ذلك، فإن تحقيقه يتطلب إرادة سياسية ويجب أن نرى كيف ستسير التطورات السياسية”.
وشدد الخبير في القضايا الدولية على أن الهدف الرئيسي لهذا الممر البحري – السككي هو التنافس مع الخطط الصينية في مجال الاتصالات والعبور، مضيفاً: “الصين طرحت موضوع الممرات منذ عدة سنوات، لكن كانت العديد من العقبات تعترض الخطط المعنية بذلك وعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة، لا يزال ليس لخطة الحزام – الطريق أفق واضح. حقيقة أن الصين تمنح قروضاً لتنفيذ مشاريع مبادرة الحزام – الطريق أكثر من قيامها بالاستثمارات تظهر أن السلطات الصينية نفسها لديها شكوك بشأن نجاح هذه المبادرة”.
وإذ ذكر أنه من أجل تنفيذ مثل هذه الخطة ومقارنة بالصين، لدى الولايات المتحدة إمكانيات وقدرة أكبر للتنسيق بين اللاعبين في الممر، قال فيما يتعلق بإمكانية عدم تحقيق هذا الممر بسبب علاقات الصين رفيعة المستوى مع السعودية والإمارات: “الدول العربية في المنطقة تعمل مع الصين والولايات المتحدة اقتصادياً وتعاونها مع الصين لن يكون عائقاً أمام التعاون مع الولايات المتحدة وأوروبا والهند. مع ذلك، لدى الولايات المتحدة حساسية تجاه تعاون هذه الدول مع الصين في بعض المجالات مثل القضايا العسكرية والتقنيات التي تسمح بالمراقبة والتجسس المحتمل من قبل الصين وتمنع هذا النوع من التعاون. على سبيل المثال، تحت ضغوط الولايات المتحدة، أوقفت الإمارات مشروعاً قيل إنه يهدف إلى إنشاء قاعدة عسكرية صينية في هذا البلد”.
وتابع عضو هيئة التدريس في مركز الدراسات الاستراتيجية: “ربط الهند كقوة ناشئة، وأوروبا كمنطقة متقدمة، والشرق الأوسط كمنطقة نامية تمتلك موارد الطاقة يمكن أن يكون مفيداً لجميع الأطراف. وبينما تباطأ النمو الاقتصادي في الصين، تشهد الهند نمواً اقتصادياً مرتفعاً ويمكن أن يستمر هذا النمو المرتفع. إن القدرات الاقتصادية التي بنتها الهند في السنوات الأخيرة رسمت رؤية محتملة لأن تلعب هذه الدولة دوراً بديلاً للصين كمحرك للنمو الاقتصادي العالمي في المستقبل”.
في معرض شرحه للعلاقات بين الهند والولايات المتحدة والطريقة التي اتبعتها الهند في تنظيم علاقاتها مع القوى الأخرى، أضاف شابوري: “السوق الهندية هي سوق ناشئة توجد فيها الكثير من الفرص، حيث بإمكان دول المنطقة بيع مواردها الطبيعية فيها، كما تحاول الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً إحلال الهند محل الصين في مجال التجارة وسلسلة الإنتاج والتوريد. لقد اتخذت الدول العربية في المنطقة نهجاً تجارياً واقتصادياً ملحوظاً، وسوف ترحب بمثل هذه الخطط التنموية. كما أنه من شأن هذه الخطة أن تدعم مصالح أوروبا والولايات المتحدة من خلال استبدال الصين بالهند”.
وقال الخبير في القضايا الدولية: “سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، على عكس إدارة ترامب، هي تعزيز علاقات واشنطن مع شركائها وحلفائها قدر الإمكان. تحاول واشنطن ربط بعض حلفائها وشركائها في أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي بخطة الممر هذه وإنشاء إطار وشبكة من العلاقات الاقتصادية والتجارية التي لها تداعيات استراتيجية تساعد على التنافس مع الصين واحتوائها”.
وحول تأثير إنشاء هذا الممر في استقطاب الكيان الصهيوني إلى آسيا، قال شابوري: “بالإضافة إلى التحديات الداخلية والثنائية القطبية التي يواجهها، فإن الكيان الصهيوني يعاني من مشاكل خارجية. وإذا تمكن من حل التحديات الداخلية والثنائية القطبية التي ظهرت لديه، فإن هذه الخطط يمكن أن تساعد في تعزيز القبول المحتمل لإسرائيل في الشرق الأوسط. لكن إذا أراد المتطرفون الإسرائيليون المضي قدماً في سياساتهم المتطرفة فيما يتعلق بفلسطين، فإن هذا القبول سيكون أكثر صعوبة. وحتى الولايات المتحدة، خاصة الديمقراطيون، لديها مشاكل كبيرة مع الجناح المتطرف الحاكم في هذا الكيان. وإذا أرادوا الاستمرار في بعض سياساتهم، بما في ذلك رفض حل الدولتين واستمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، فإن الدعم الأميركي لتطبيع علاقات هذا الكيان مع دول المنطقة سيتراجع”.
وأردف قائلاً: “وبالإضافة إلى الظروف والتحديات الداخلية التي يواجهها الكيان الإسرائيلي، فإن الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل ستؤثر أيضاً على مستقبل هذا الممر؛ حيث يزيد فوز الديمقراطيين من احتمالات نجاح هذه الخطة، لكن إذا فاز الجمهوريون فإن تنفيذها سيواجه غموضاً. من ناحية أخرى، فإن السياسات القومية المتطرفة التي تنتهجها الحكومة الهندية الحالية، والتي تعرض غير الهندوس للضغوط والتمييز، قد تسبب أيضاً مشاكل في عملية التنمية في الهند بشكل عام والسياسة الخارجية لهذا البلد بشكل خاص”.
0 تعليق