المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ حوار: رأى مسؤول قسم شؤون شبه القارة الهندية في مركز جريان للأبحاث، أن توجه الهند نحو توسيع العلاقات مع دول غرب آسيا يأتي في سياق أهدافها الاقتصادية والثقافية ومنافستها مع الصين، قائلاً: "إن النمو الاقتصادي المرتفع للهند جعل الطبقة الوسطى في هذا البلد تنمو، مما أدى إلى زيادة الاستهلاك فيه ولهذا السبب، تولي الهند اهتماماً خاصاً لموارد الهيدروكربون في غرب آسيا".
في حوار مع موقع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية، إذ أشار أمين رضائي نجاد إلى جهود الهند لتعزيز العلاقات مع دول غرب آسيا، أكد على أن الهند تولي اهتماماً بمزايا الممرات والمسارات في هذه المنطقة ومواردها الهيدروكربونية، موضحاً: “ممرات هذه المنطقة مهمة جداً للهند وهذا البلد يحاول المساهمة في هذه الممرات، كما أدت التطورات الأخيرة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لموضوع الممرات في غرب آسيا”.
ولفت إلى تقرير وكالة الطاقة الدولية، الذي يشير إلى أن الهند ستصبح قريباً أكبر مستورد للوقود الأحفوري متجاوزة في ذلك الصين، مضيفاً: “إن الصين تعمل على كهربة السيارات الخصوصية والعامة بسرعة عالية. من ناحية أخرى، فإن النمو الاقتصادي المرتفع في الهند قد جعل الطبقة الوسطى في هذا البلد تكبر، ونتيجة لذلك زاد الاستهلاك والرغبة فيه في هذا البلد. لهذا السبب، لدى الهند اهتمام خاص بالموارد الهيدروكربونية؛ على الرغم من أنها رسمت رؤية طويلة المدى لاستخدام الطاقة الخضراء وتحاول أن تصبح “عملاق الهيدروجين” عالمياً في المستقبل باستخدام هذه الطاقة “.
وتطرّق المحلل لقضايا شبه القارة الهندية إلى جهود الصين لزيادة دورها في غرب آسيا وتطوير العلاقات مع دولها، وكذلك المنافسة بين الهند والصين في هذه المنطقة، قائلاً: “في الوقت الحالي، تحتاج كل من الصين والهند إلى النفوذ في منطقة غرب آسيا لأسباب مماثلة. يتعين على دول غرب آسيا وإيران وجيرانها تقليل العواقب السلبية للمنافسة بين الصين والهند في هذه المنطقة من خلال التفاهم وتحقيق التعاون فيما بينها. تعتبر مقاربة دول غرب آسيا تجاه هذه المنافسة أمراً مهماً للغاية، كما تحاول بعض الدول الاستفادة إلى أقصى حد من هذه المنافسة الإقليمية دون أن تصبح جزءاً منها. يجب ألا تسبب المنافسة بين الهند والصين أضراراً في غرب آسيا، بل يجب أن تجلب فوائد للمنطقة”.
وأشار رضائي نجاد إلى الاختلافات العديدة بين الهند والصين، لا سيما في المناطق الحدودية، موضحاً: “نيودلهي قلقة من أن يؤدي نفوذ الصين في غرب آسيا والذي قد يتنامى في مختلف المجالات على المدى الطويل ويصبح تأثيراً ثقافياً، إلى تهديد موطئ قدم الهند التقليدي في هذه المنطقة. لقد ارتبطت شعوب شبه القارة الهندية بشعوب غرب آسيا منذ القرون بعيدة، وتعتبر الظروف الجديدة خطراً على الهند؛ لأنها قد تفقد في ظل تلك الظروف ورقة قوة لها”.
صرّح مسؤول قسم شؤون شبه القارة الهندية في مركز جريان للأبحاث أن الهند تحاول إنشاء مؤسسات ثقافية، مثل مدارس اليوغا ومدارس “زن Zen”، وتوسيع العلاقات الثقافية مع دول غرب آسيا بهدف الحفاظ على مجال نفوذها، وفيما يتعلق بتصاعد أعمال العنف من قبل بعض الهندوس تجاه المسلمين في السنوات الماضية، أضاف: “يجب تحليل قضية المسلمين في الهند مع الأخذ في الاعتبار مجموعتين من المسلمين. مجموعة من المسلمين في الهند لم يندمجوا في المجتمع الهندي مثل الذين يعيشون في منطقة كشمير؛ ومجموعة أخرى من المسلمين يعتبرون أنفسهم هنوداً وقد اندمجوا في المجتمع الهندي وليس لديهم مشكلة مع الحكومة المركزية”.
وأشار محلل قضايا شبه القارة الهندية إلى أنه منذ عام 2019، شهدت التوترات في كشمير انخفاضاً، قائلاً: “حزب بهاراتيا جاناتا هو الذراع السياسي للتيار الوطني الهندوسي الذي له نطاق ثقافي واجتماعي واسع وهو حركة متطرفة تؤمن بفكرة “الهند الموحدة” ويعتبر مناطق من وسط إيران إلى تايلاند مجاله الثقافي. في بعض الحالات، لم يتمكن حزب بهاراتيا من السيطرة على هؤلاء المتطرفين ولأنه لا يريد أن يفقد رأسماله الاجتماعي، فيضطر إلى اتخاذ إجراءات ضد أعمال العنف بحق المسلمين في بعض الحالات. لكن أثناء هيمنة حزب المؤتمر على السلطة وهو مزيج من البنجاب الهندوس والسيخ، لم نر أي تنازلات للمسلمين أيضاً، حيث يتبع كلا الحزبين في سياساتهما الكلية توجه عزل المجتمع المسلم”.
بحسب رضائي نجاد، لا ينبغي توقع أنه برحيل “حزب بهاراتيا جاناتا” سيكون هناك انفتاح خاص للمسلمين، فضلاً عن أن الضغط على المسلمين الهنود لن يكون أكثر مما هو عليه الآن؛ لأن الهند بسبب تنوع اللغات وكثرة الجماعات العرقية والديانات فيها لا تتحمل المزيد من الضغط على مجموعة واحدة، وزيادة الضغط ستؤدي إلى انهيار هذا البلد من الداخل.
وأكد أن الهند تتمتع بميزة اقتصادية قوية فقط لدول غرب آسيا، قائلاً: “يمكن أن تصبح الهند مستورداً جيداً لمنتجات هذه المنطقة. لكن الهند لديها وجهة نظر اقتصادية وثقافية إلى هذه المنطقة. بالإضافة إلى التفاعلات الاقتصادية، لا يمكن تجاهل تطور العناصر الثقافية الهندية في منطقة غرب آسيا وينبغي النظر فيها من منظور الأمن الثقافي. إن توسع مدرسة اليوغا في بلدان هذه المنطقة، في شكل الرياضة وتأثيرها على عناصرها الثقافية، له أهمية كبيرة. يُعتقد خطأً أن اليوغا ليس سوى رياضة بينما هو نظام فكري له نبيه وأفكاره الخاصة به”.
واختتم مسؤول قسم شؤون شبه القارة الهندية في مركز جريان للأبحاث قائلاً: “المسلمون والعلماء الهنود، الذين يجدون أنفسهم في صراع ثقافي مع الحكومة الحالية في الهند ويتعرضون لضغوط بهدف دفع المسلمين نحو الهندوسية، ينتقدون بقوة ترحيب بعض الدول الإسلامية بمدرسة اليوغا”.
0 تعليق