المجلس الإستراتیجي أونلاین ـ حوار: قال عضو في هیئة التدریس بمعهد الدراسات الإستراتیجیة إنه بعد الحرب في أوکرانیا، حدث تغییر في الخطوط الدولية لنقل الطاقة، مضیفاً: مع إستمرار التغییر في طرق تجارة النفط الروسي، أصبحت الهند والصین شرکاء تجاريين إستراتیجیین لدی موسکو، و هذا تطور حدث في ظل تراجع نفوذ الولایات المتحدة بین حلفائها الرئیسیین في الشرق الأوسط.
أشار مهدي شابوري في حواره الخاص لموقع المجلس الإستراتیجي للعلاقات الخارجیة إلی زیادة غیر مسبوقة في شراء النفط الخام الروسي من قبل الإمارات والسعودیة، مصرحاً: تم فرض بعض القیود علی صادرات النفط الروسي من قبل الغرب، لکن لم يتم منعه ولم یفرضوا حظراً کاملاً. على سبيل المثال، النفط الذي تصدّره روسیا عبر البحر، یجب ألا یباع بأکثر من 60 دولاراً، وإلا في هذه الحالة سیتم معاقبة الشرکة التي تشتريه. کما لایمکن لشرکات التأمین الغربیة التعاون في هذا المجال ایضاً.
وأضاف أن القیود وعمليات الحظر التي فرضها الغرب علی بیع النفط الروسي لاتطابق مع القیود المفروضة علی النفط الإیراني، قائلاً: في الظروف التي خسر الروس فیها السوق الأوروبیة بإعتباره أهم أسواقهم، فهم یبیعون الغاز والنفط بخصومات هائلة. وتحت تأثير هذه الظروف، ازدادت واردات الصین من روسیا بشکل حاد. قبل العامین، کانت واردات الهند من روسیا قلیلة جداً وذلك بسبب ارتفاع کلفة النقل، أما حالیاً وبسبب ارتفاع سعر النفط خلال هذه الفترة والخصومات التي فرضتها روسیا علی نفطها، أصبح استيراد النفط الروسي بالنسبة لها عملية مربحة و تضاعفت كميات شراء النفط من روسيا بشدة.
وتابع الخبیر في الشؤون الدولیة: تحت تأثیر القیود التي فرضت علی روسیا، تستفاد الدول كل واحدة بشکل ما في إطار تحقیق مصالحها؛ ونحن نشهد في هذا المجال أرباحاً کثیرة تتدفق نحو السعودیة والإمارات وترکیا؛ کما أن عملیات تصدیر البضائع الترکیة إلی روسیا تضاعفت أيضاً خلال هذه الفترة. لدی الروس إمکانیات هائلة للتجارة مع الإمارات، من جهة أخری، سجلت صادرات النفط الروسي إلی الإمارات في عام 2022 رقماً قياسياً وصل إلی 60 ملیون برمیل، و هو ما یمثل زیادة بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
وأضاف شابوري أن الإمارت قد استفادت كثيراً من جراء فرض العقوبات على إیران وروسیا خلال الأعوام الماضیة، متابعاً القول: كذلك السعودیة إستفادت کثیراً من شراء النفط الروسي الرخیص، وکان اقتصادياً للغاية بالنسبة لهم. لا تسبب الدول الغربیة مشاکل للدول الأخری طالما احترمت القیود؛ کما أن شرکاتهم الخاصة من خلال مراعاة القیود المفروضة، لايواجهن مشاكل مع تجارة النفط والغاز الروسي.
وحسب قول الخبیر في الشؤون الدولیة، فقد فرض الغرب خاصة أوروبا عقوبات إضافیة علی روسیا، لکن بشکل عام، إذا إلتزمت کل دولة بالسقف الذي وضعته مجموعة الدول السبع، فلن تتعرض للعقوبات. لذلک، من الأجدى جداً لبلد مثل السعودیة شراء النفط الروسي الرخیص و بیع نفطها بسعر اعلى. حالياً تصدر روسیا نحو 100 ألف برمیل من الوقود یومیاً إلی السعودیة، في حین أن هذا العدد قبل بدء الحرب کان صفراً تقریباً.
وصرح العضو في هیئة التدریس في معهد الدراسات الإستراتیجیة أنه بعد الحرب في أوکرانیا، حدث تغییر في الخطوط الدولية لنقل الطاقة، مؤکداً: حدث تحول رئیسي في مجال توزیع الطاقة ونقلها في العالم. روسیا تحاول الحصول علی أسواق جدیدة وتنشط في اسواق إیران الرمادیة. حالیاً أصبحت كبريات الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط مشترین للنفط الروسي.
وقال: لم یحقق الغرب أهدافه فيما يتعلق بالضغط علی روسیا، لکنه استطاع تحقیق البعض منها. وسعى للتقلیل من الإیرادات الروسية و قد تحقق هذا الأمر. حالیاً تقوم روسیا ببيع نفطها بأقل من سعره العالمي وخلال الأشهر الأخیرة، تناقصت مداخيل روسیا من النفط حوالي 50 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، لکنهم عانوا الضرر ایضاً علی أیة حال.
وأضاف شابوري: كان یمکن لأوروبا الحصول علی النفط والغاز بشروط أرخص وأسهل بکثیر. ولایمکن إنکار أنهم عانوا أیضاً من فرض العقوبات.
وفیما یتعلق بـتداعیات تغییر طریق خطوط الطاقة العالمية، قال الخبیر في الشؤون الدولیة: علی المستوی العالمي، استفادت دول بما في ذلک الولایات المتحدة من هذه المسألة. فقد استطاع هذا البلد ملء الفراغ الذي خلفته روسیا في أوروبا إلی حد ما و ازداد بشکل کبیر حجم الطاقة المصدّرة من هذا البلد تجاه أوروبا.
وإعتبر الخبیر أن الصین واحدة من الدول الأخری المستفیدة من التغییر في الخطوط العالمیة للطاقة، قائلاً: بعد أن فقدت روسیا السوق الغربیة، حاولت السیطرة علی السوق الشرقیة قدر الإمکان. حالياً لاتشتري بکین النفط والغاز الروسي بشروط مواتیة و خصم کبیر فحسب، بل تحصلت أیضاً علی مزید من الخصومات علی شراء النفط من دول أخری تحت تأثیر شروط الخصم التي تطبقها روسیا. مقارنة بالإقتصادات الأوروبیة، تتمتع الشرکات الصینیة الآن بالعديد من المزایا. كذلك الهند لدیها مثل هذه الظروف. في الواقع، هي الدولة الثالثة التي حققت الکثیر من الأرباح، وقد حلت روسیا الآن مکان العراق والسعودیة بالنسبة لتلك الدول.
وأضاف شابوري: دول الشرق الأوسط التي استطاعت تصدیر النفط حصلت كذلك علی مداخيل کبیرة نتیجة إرتفاع أسعار النفط. بحيث سجلت السعودیة في العام المنصرم أحد أعلی معدلات النمو الإقتصادي في العالم.
وأکد عضو الهیئة التدریسیة في معهد الدراسات الإستراتیجیة: حالیاً مع إستمرار التغییر في طرق تجارة النفط الروسي، أصبحت الهند والصین شرکاء تجاريين إستراتیجیین لدی موسکو، و هذا تطور حدث في ظل تراجع نفوذ الولایات المتحدة بین حلفائها الرئیسیین في الشرق الأوسط.
0 تعليق