المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: أكد أستاذ جامعي على ضرورة متابعة الدبلوماسية الإقليمية والمحادثات الجادة مع تركيا بالقول إن مشاريع بناء السدود في تركيا ستضر بالتأكيد بهذا البلد نفسه عاجلاً أم آجلاً.
أشار رضا عابدي كناباد، في حديث مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، إلى المخاطر الجسيمة لبناء السدود التركية للدول المجاورة وقال: بالنظر إلى مدى إنشاء السدود في تركيا في إطار مشروع غاب (GAP) و داب (DAP) على أنهار دجلة والفرات وآراس وكورا، وبالنظر إلى أن تركيا هي بلد المنبع للعراق وسوريا وإيران وأرمينيا وجمهورية أذربيجان من حيث منبع الأنهار المشتركة، فمن الضروري الانتباه إلى القوانين الدولية لدول المنطقة في هذا الصدد.
في إشارة إلى المشاكل السياسية وانعدام الأمن التي عانى منها العراق وسوريا في السنوات الأخيرة، مما أدت إلى اعطاء الأولوية للقضايا الأمنية تابع هذا الأستاذ الجامعي: في هذه الظروف، أصبح الاهتمام بالقضايا البيئية وأزمات المياه قضية ثانوية في هذه البلدان فعلاً، وتابعت تركيا بناء السدود خلال هذه الفترة. لسوء الحظ، في السنوات الأخيرة، أدى انخفاض هطول الأمطار والاستخدام غير السليم للموارد المائية وسياسات التنمية التي لا تستند إلى حماية البيئة إلى أن تواجه المنطقة أزمة خطيرة.
وأشار محلل الشؤون التركية، إلى أن حالة تساقط الثلوج في شرق وجنوب شرق تركيا هذا العام، والتي توفّر روافد نهري دجلة والفرات، لا تتمتع بظروف جيدة على الإطلاق، وفي العام الماضي كانت كمية الأمطار أكثر وصرّح قائلاً: تشير خرائط الغطاء الثلجي أن هذين النهرين سيواجهان بالتأكيد وضعاً حرجاً في الصيف وستنشأ العديد من المشاكل في سوريا والعراق.
وانتقد عابدي سياسة العراق المتمثلة في تجفيف بعض البساتين والقصب والمستنقعات بالقرب من حدود إيران، وخاصة من قبل نظام صدام، بهدف الاستخدام العسكري، وأضاف: “للأسف، لا يوجد اتفاق إقليمي بشأن استخدام المياه بين دول المنطقة، على الرغم من حقيقة أنه بالإضافة إلى سوريا والعراق، فإن مراكز الأزمات ومراكز الغبار الدقيق أثرت أيضاً على دول أخرى في المنطقة.
وشدد على أنه إذا تم الاحتفاظ بجزء مهم من المياه للزراعة والتنمية خلف السدود، فإنه سيؤدي بالتأكيد إلى العديد من الأضرار، وأضاف: إن مشاريع بناء السدود في تركيا ستضر بالتأكيد بالبلد نفسه عاجلاً أم آجلاً. كما رأينا في العام الماضي عاصفة رملية في جنوب تركيا وحريق في غاباتها. والآن تواجه المدن المهمة في تركيا مثل اسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة أيضاً تحدي إمدادات المياه وقد وصل حجم احتياطيات المياه لمدينة كبيرة وصناعية مثل اسطنبول إلى أدنى مستوى تقريباً في العقد الماضي.
شرح هذا الخبير في الشؤون التركية العواقب السياسية والاجتماعية لتقليص المياه التي تدخل سوريا، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالزراعة في هذه الدولة وخلق أزمات عديدة وتأثيرها على انعدام الأمن الداخلي، وقال: “بالتأكيد انعدام الأمن الاقتصادي والأمني، وتفاقم الفقر وانتشار البطالة في بعض الدول المجاورة لتركيا والمعرضة للأزمات سوف يمتد إلى تركيا وهذا البلد سيتضرر أيضاً.
وشدد عابدي على ضرورة الدبلوماسية مع دول المنطقة ومتابعة المفاوضات الجادة مع تركيا، وتابع: يجب أن تقتنع تركيا بأن استمرار السياسات المناهضة للبيئة والاستغلال المتهور للموارد المائية وعدم السماح بتدفق حق المیاه للأنهار سيكون له آثار جسيمة على تركيا أيضاً. من الوهم الاعتقاد بأن هذه العواقب ستؤثر فقط على البلدان الأخرى. كما أن تركيا عرضة للأزمات أيضاً، فنحن نشهد فيها صراعات عرقية وقضايا ناشئة عن تحديات اقتصادية. من المؤكد أن هذه القضايا ستؤجج الصراعات.
مذكّرا بأن سياسة الحكومة الإيرانية تقوم على سياسة الجوار، قال هذا الأستاذ الجامعي: إن إيران وتركيا لديهما العديد من التبعيات والقواسم المشتركة مع بعضهما البعض في مختلف المجالات، وفي حين أن هناك منافسات، فإن لديهما مصالح مشتركة؛ لذلك، من الممكن مناقشة المصالح المشتركة في إطار سياسة الجوار التي جذبت انتباه البلدين والتفاوض مع تركيا من خلال مناقشات الخبراء. يجب أن تتبنى إيران دبلوماسية نشطة وأن تجري مفاوضات جادة مع العراق وسوريا والسعودية والأردن وحتى أرمينيا. يمكن لهذه الدول أيضاً الضغط على تركيا. عندما يكون الضغط متعدد الأطراف، سيكون بالتأكيد أكثر فعالية.
وأشار إلى أن مشروع “DAP” ينطوي على مخاطر أكبر وأوسع بكثير بالنسبة لإيران، وأكد: يجب أن نتجه نحو اتفاق إقليمي وفي هذا الصدد، يجب أن نستخدم قدرات المنظمات الإقليمية للجمع بين هذه الدول وإيجاد أساس للحوار والإقناع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً استخدام إمكانيات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى والمؤسسات البيئية والمنظمات غير الحكومية النشطة في إيران والعراق وسوريا. المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية قوية جداً في تركيا ويمكن الاستفادة من قدراتها.
وأضاف عابدي: من الضروري إيقاظ النخب والأوساط الأكاديمية في تركيا وإقامة تواصل بين المؤسسات المدنية في هذه الدول باستخدام الدبلوماسية العامة، وبهذه الطريقة توعيتهم بالمخاطر التي تلوح بالأفق.
وقال: يجب شرح عواقب الغبار الناعم والانخفاض المستمر في تدفق الأنهار للشعب التركي موضحاً أن هذه الظروف قد تؤدي إلى توترات إقليمية وهجرات واسعة النطاق وأزمات عديدة.
0 تعليق