المجلس الإستراتيجي أونلاين ـ رأي: تسعى السعودية إلى تحقيق الهيمنة على سوق الطاقة في العراق وإنهاء اعتماد الأخير على استيراد الغاز والكهرباء من إيران. في هذا السياق، من المقرر أن يتم الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج الفارسي قريباً.
حسن هاني زادة ـ خبير في شؤون الشرق الأوسط
تقرر خلال المباحثات التي جرت في الأسابيع الأخيرة بين الوفدين العراقي والسعودي أن تزوّد السعودية العراق بحاجته من الطاقة الكهربائیة عبر الربط الكهربائي بينه وبين دول الخليج الفارسي وأن تستثمر في مجال الطاقة الأحفورية والبتروكيمياويات في العراق أكثر من 30 مليار دولار خلال الخمس سنوات المقبلة.
كما تم إبرام عقد بين العراق وشركة توتال الفرنسية بقيمة 27 مليار دولار للإستثمار في مجال التنقيب عن النفط والغاز جنوب العراق؛ ما يعتبر أكبر عقود العراق النفطية مع شركة أجنبية.
يتمثل المخطط الأمريكي في غرب آسيا في حرمان إيران من تجارة الطاقة مع دول محور المقاومة كسوريا والعراق ولبنان؛ و من المقرر أن يزود الكيان الصهيوني والأردن ومصر، لبنان بالغاز والكهرباء عبر الأراضي السورية.
يهدف هذا المخطط إلى تشكيل مجموعة عربية – إسرائيلية في غرب آسيا لإزاحة إيران من سوق الطاقة في المنطقة ليتم تزويد الدول العربية ذات التوجه المماثل لإيران بالطاقة عبر مشاريع مشتركة تستثمر فيها الدول العربية في الخليج الفارسي.
ترمي هذه الخطوة – كما يزعمون – إلى حرمان إيران من تصدير الطاقة وتحجيم نفوذها في المنطقة. فقد كانت إيران خلال السنوات الأخيرة مورّد الغاز والكهرباء للعراق وقد بلغت ديون العراق لإيران جراء استيراد الغاز والكهرباء ما يقارب 7 مليارات دولار؛ في حين أن العقوبات تحولت على ما يبدو إلى ذريعة لدى الحكومة العراقية لعدم تسديد هذه المستحقات.
تبذل الولايات المتحدة والسعودية والإمارت جهوداً مشتركة لتقليص النفوذ الإيراني المادي والمعنوي في العراق بذريعة تزويده بالطاقة، وإعادة الأخير إلى دائرة النزعة القومية العربية.
بالنظر إلى وقوع العراق في دائرة الصراع بين النزعة العقائدية والنزعة القومية، تسعى الولايات المتحدة وبعض الدول العربية في الخليج الفارسي إلى إخراج هذا البلد من المدار العقائدي وتقليص النفوذ المعنوي الإيراني فيه من خلال تغيير تركيبة البرلمان والحكومة.
مع الأسف، توجد ميول قوية لدى القوى السياسية العراقية حتى القوى الشيعية العلمانية نحو النزعة القومية العربية.
بالرغم من سعي قوى شيعية مثل دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، والحشد الشعبي بزعامة فالح الفياض للبقاء في المدار العقائدي، أدى تراجع نفوذ هذه القوى في البرلمان إلى زيادة نفوذ القوى الشيعية العلمانية.
من جهة أخرى، قد تنتهي تحركات مقتدى الصدر، زعيم تيار سائرون، إلى تشكيل حكومة مقرّبة من السعودية والإمارات والولايات المتحدة في ظل تمتعه بالأغلبية البرلمانية.
فضلاً عن ذلك، هناك نوع من الاتفاق بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات مع فرنسا بشأن تقسيم الهيمنة على موارد الغاز والنفط في العراق؛ لأن معظم الاستثمارات السعودية تذهب للمناطق السنية غرب العراق، في حين سيستثمر العملاق النفطي الفرنسي، توتال، في جنوب العراق.
ينوي مقتدى الصدر، زعيم تيار سائرون الذي نال 73 مقعداً في البرلمان في الانتخابات الأخيرة، وبالاعتماد على دعم الدول العربية في الخليج الفارسي إعادة ترشيح مصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة جديدة. للكاظمي رؤى متقاربة مع الولايات المتحدة والسعودية والدول العربية ويسعى إلى التقارب مع تيار سائرون، بزعامة الصدر، للبقاء في منصب رئاسة الوزراء.
يشهد العراق ظروفاً معقدة حالياً وحصل خلاف شديد بين القوى الشيعية المؤلفة لما يسمى الإطار التنسيقي وبين مقتدى الصدر بشأن اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية؛ الأمر الذي عرقل تشكيل حكومة وحدة وطنية.
0 تعليق