المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ حوار: في إشارة إلى نمو العلاقات الاقتصادية بين إيران وأفغانستان في السنوات الأخيرة، قال الرئيس السابق للجنة دعم أفغانستان بوزارة الخارجية: مع التطورات السياسية الأخيرة في هذه الدولة، وإن كنا نشهد تقلبات في العلاقات الاقتصادية، لكن لا يمكن لأفغانستان تجاهل تجارتها مع إيران حتى في أسوأ الظروف.
وقال محسن روحي صفت، في حوار مع الموقع الإلكتروني للمجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، إن اقتصادي إيران وأفغانستان مكملان لبعضهما البعض نوعاً ما؛ و تابع: هذا البلد يحتاج إلى مواد تصدير إيرانية ويحتاج إلى طرق المرور عبر إيران.
وفي إشارة إلى حجم العلاقات الاقتصادية بين إيران وأفغانستان في الماضي، أضاف: شهدنا في السنوات الأخيرة ارتفاعاً في حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين. فقد صدّرت إيران ما قيمته 3 إلى 5 مليارات دولار من البضائع إلى أفغانستان، أهمها: المواد الغذائية، والأدوات والمواد الإنشائية، وأدوات الهندسة والاتصالات، والمواصلات، والأجهزة المنزلية، والديكور، والأثاث، والأعمال الخشبية، والمفروشات، والأرضيات، والأدوات الطبية والمخبرية، وألياف النسيج، والملابس والجلد، ومستحضرات التجميل، والسجاد والمنتوجات اليدوية، والسجاد الصناعي والمجوهرات.
وتابع الدبلوماسي الإيراني السابق بالقول إنه مع هذه الأصناف المتنوعة، فإن أفغانستان بحاجة إلى المنتجات الإيرانية، وأضاف: وفقاً لبعض الإحصاءات، تضاعفت صادرات إيران إلى أفغانستان في السنوات الخمس الماضية، ووفقاً للبنك الدولي، أصبحت إيران أكبر شريك تجاري لكابول في عام 2016. هذا الاتجاه ما فتئ يتزايد منذ ذلك الحين. وبلغت القيمة الإجمالية لواردات أفغانستان في العام الماضي نحو 7 مليارات دولار، 44٪ منها بضائع إيرانية.
قال روحي صفت: من ناحية أخرى، بما أن هذا البلد غير ساحلي ولا يمكنه الوصول إلى البحر، فإن لديه طريقين سهلين لعبور بضائعه و هما إيران و باكستان. يمر طريق العبور الصعب لأفغانستان عبر أراضي جمهوريات آسيا الوسطى وروسيا، وهو غير اقتصادي بسبب تكاليف النقل.
اهتمام أفغانستان بقدرة ميناء تشابهار
فيما يتعلق بحالة العلاقات الاقتصادية بين طهران وكابول، و في ظل الأزمات الأخيرة في أفغانستان، قال: بما أن هذا البلد لا يريد أن يعتمد اقتصادياً على مسار واحد فقط ويريد أن تكون يده مفتوحة في تمرير سياساته، وهو لا يريد إقامة علاقات خارجية من خلال باكستان فحسب. لذلك، في كل فترة حكم في أفغانستان، تم اعتبار ميناء تشابهار بديلاً لطريق كراتشي.
ووصف اتفاقية تشابهار والتعاون الثلاثي بين إيران والهند وأفغانستان بأنها من أهم المشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين بهدف ربط آسيا الوسطى بالأسواق الدولية و أضاف: حتى في الفترة المحدودة التي كانت فيها طالبان في السلطة، كان هذا الاتجاه قائماً، والآن أعلن المتحدث باسم طالبان “ذبيح الله مجاهد” أن تشابهار لا يزال مهماً بالنسبة لهم وأنهم مهتمون باستخدامه.
إعادة فتح الأسواق الحدودية
وتابع الدبلوماسي الإيراني السابق، في إشارة إلى أسواق حدودية معينة بين إيران وأفغانستان: في الفترة الماضية لم يكن من الممكن استخدام هذه الأسواق لأن مقاتلي طالبان كانوا متمركزين في جزء من حدودنا وكان هناك انعدام للأمن في هذه المناطق. إذا كانت طالبان في السلطة، فمن المرجح أن يتم تنشيط هذه الأسواق الحدودية. بالطبع هناك محادثات بالفعل بين رجال الأعمال الإيرانيين والأفغان لاستئناف عمل هذه الأسواق، ويبدو أننا سنشهد قريباً أنشطة رجال الأعمال والتجار من الجانبين، كما أعيد فتح بعضها بعد سنوات.
وأشار روحي صفت إلى تأثير الميول السياسية لطالبان على مستقبل العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار قائلاً: بالتأكيد لا يمكن تجاهل تأثير التطورات السياسية في هذا البلد، ولكن حتى الآن تقدمت الأمور بإدارة هذه العلاقات حيث تم تأمين مصالحنا وأيضاً دخلت بضائعنا التصديرية بسهولة إلى الجمارك الأفغانية، وحركة طالبان، إذا استلمت السلطة، تحتاج إلى تسليم البضائع التي يحتاجها تجارها بسرعة حتى لا يكون هناك استياء داخلي.
وفقاً لمحلل الشؤون الأفغانية، لم تستطع التطورات السياسية الأخيرة في هذا البلد حتى الآن إحداث تأثير سلبي جوهري على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وإن حصل هناك حالة من عدم الثقة شيئاً ما. لقد تأثر النظام المصرفي وكان لغياب النظام المصرفي تداعيات سلبية.
المنافسات للتواجد السياسي والاقتصادي في أفغانستان
وأشار الدبلوماسي الإيراني السابق إلى المنافسات القائمة للتواجد السياسي والاقتصادي في أفغانستان وأضاف: نرى أنشطة بعض الدول مثل قطر وتركيا للمشاركة في الساحة السياسية والاقتصادية لأفغانستان، ولكل منهما تحديات وقيود دون هذا التواجد. إذن بالرغم من أننا قد نرى تأثيرات على قوة وضعف العلاقات الاقتصادية بين طهران وكابول، حتى في أسوأ الظروف، لا يمكن لأفغانستان أن تتجاهل تجارتها مع إيران؛ لأنها على أي حال تحتاج إلى البضائع الإيرانية وطريق الشحن الدولي.
وأكد روحي صفت على ضرورة قيام التجار ورجال الأعمال بمزيد من النشاط واهتمام الحكومة بدعمهم لتثبيت تواجدهم في أسواق أفغانستان، موضحاً: في حالة نشوب حروب أهلية بسبب انعدام الأمن، قلما يمكن للتجار التمتع بهذه المصالح، ولكن في الحالات الأخرى، سوف نرى نمو العلاقات. من حيث الروح المعنوية لن تقبل الحكومة الجديدة إملاءات دولة أجنبية وتريد الحفاظ على استقلاليتها وحريتها في العمل.
وتابع: يجب ألا تنتظر غرف التجارة التغييرات الحكومية. يجب أن يظلوا نشطين وأن يفعّلوا تواصلهم مع نقابات الطرف الآخر بمجرد ظهور أدنى فرصة. من الحق الطبيعي لمدننا الحدودية أن تواصل أنشطتها قبل أن تقوم البلدان البعيدة باتخاذ إجراءات ؛ وليس من المطلوب أن يتبع مواطنونا حذوهم بعد ذلك.
وأكد روحي صفت: إن الوضع المستقبلي لأفغانستان من حيث الحالة المعيشية صعب للغاية، لأن بعض الهياكل القديمة قد انهارت ولم يتم إنشاء هياكل جديدة بعد، وبالتالي إن هذه الدولة في ضيق اقتصادي شديد من حيث الخدمات المصرفية والتمويلية ومن حيث السلع.
0 تعليق