المجلس الإستراتیجي أونلاین ـ مذکرة: كان العراق ولایزال محط إهتمام المستثمرین الأجانب والشرکات الرائدة و ذات السمعة الطیبة في مجال الطاقة بسبب امتلاکه الموارد النفطیة والغازیة الکثیرة لکن التطورات والإضطرابات السیاسیة والأمنیة في هذا البلد خلال العقود الماضیة أدت إلی صعوبة النشاطات في مجال الطاقة و استحالتها أحیاناً وعلی عکس الدول العربیة الأخری المطلة علی الخلیج الفارسي لا یتم توظیف إستثمارات کبیرة في العراق خاصة في قطاع الطاقة.
فؤاد علوي ـ باحث في شؤون روسیا وآسیا الوسطی لدی مکتب الدراسات الدبلوماسیة والإقتصادیة في جامعة الإمام الصادق(ع)
لکن بعد إخفاقات تنظیم داعش الأرهابي و عودة الهدوء النسبي إلی هذا البلد، أعلنت العدید من الشرکات عن إستعدادها للتعاون والإستثمار ودخلوا إلی السوق العراقیة. یحاول هذا المقال تقدیم دراسة ملخصة عن الشرکات الروسیة المستثمرة و واقع سوق الطاقة العراقي و المشاکل القائمة فیه.
واقع قطاع الطاقة في العراق
یعتبر العراق من أهم اللاعبین فی سوق النفط العالمیة. تبلغ کمیة الإحتیاطات النفطیة المکتشفة في هذا البلد إلی 153 ملیار برمیل (9 بالمئة من الإحتیاطات النفطیة العالمیة). یحتل العراق المرتبة الخامسة عالمیا في مجال إحتیاطات الذهب الأسود (بعد فنزویلا و المملکة السعودیة و کندا و إیران) و علی سبیل المثال، بلغ معدل إستخراج البترول العراقي إلی 4 ملایین و 465 ألف برمیل یومیا خلال عام 2016 بـزیادة قدرها 10.8 بالمئة عن عام 2015 . کما أن کمیة إحتیاطات الغاز العراقي ملحوظة ویصل حجم إحتیاطات الغاز العراقي الإستکشافي إلی 3.7 تریلیون.
ولکن تحسین صناعة النفط العراقي بدأ بعد عام 2010 عندما أبرمت الحکومة العراقیة إتفاقیات مع عدد من الشرکات الأجنبية بشأن إستثمار الحقول النفطیة العراقیة. و في السنوات الآتیة حصل نمو کبیر في مجال إنتاج وتصدیر النفط. حیث أنه بلغ حجم تصدیر النفط العراقي نحو 3.595 میلیون برمیل وفق ما قال رئیس الشرکة الحکومیة لـتسویق النفط العراقي سبتمبر 2018.
التعاون الروسي العراقي في مجالي الوقود والطاقة
قطاع النفط والغاز العراقي هو محل إهتمام مباشر من الأمن الإقتصادي للإتحاد الروسي لأن ثلاث شرکات نفط روسیة تنشط في أرض العراق منها لوک اویل و غاز بروم و باشنفت. وتحرص شرکة روسنفت الروسیة علی قطاع الصناعات الهیدروکربونیة العراقیة. إن عملیة الإستخراج تتم في حقلي غرب القرنة ـ 2 وبدرة کما تجري عملیة الإستکشاف في منطقتین نفطیتین في شرق العراق حیث کانت العملیة مؤملة حتی الآن.
وبدأت شرکة غاز بروم فی 31 مایو 2014 بـعملیة إنتاج النفط في حقل بدرة و وصل حجم إنتاج الحقل في الأول من سبتمبر في نفس العام إلی المستوی المتوقع مما أتاح إمکانیة تصدیر النفط بـ 15 الف برمیل یومیاً. وفی خریف عام 2017، أشار نائب رئیس الهیئة الرئاسیة لـشرکة غازبروم إلی أن الشرکة تتوقع خلال عام 2018 أن يرتفع مستوى الإنتاج في حقل بدرة إلی 85 ـ 90 ألف برمیل یومیاً. مؤکدا أن هذه الشرکة قامت بتحدیث برامجها لـتطویر الحقل العراقي حیث أنها خططت لانتاج 110 آلاف برمیل من النفط رغم أنها رغم أنه کانت تنوي سابقاً الوصول إلی 115 ألف برمیل یومیا.
وبدأت عملیة تطویرأحد الحقول النفطیة الکبیرة الأخری في العراق تحت إسم غرب القرنة ـ 2 في 12 من دیسمبر 2009 متزامنا بعد فوز الرابطة المکونة من شرکتي لوک أویل الروسیة وستات أویل النرویجیة في عطاء تطویر الحقل. وفي ینایر 2013 تم توقیع إتفاق إضافي لـهذا العقد والذي حدد مستوی الإنتاج المستهدف ـ 1.2 ملیون برمیل یومیاً و مدة الإحتفاظ به 19.5 سنة و تمدید فترة العقد 25 سنة. بدأ إنتاج النفط رسمیاً من 29 مارس 2014.
وفي منتصف عام 2015، تم إنتاج نحو 400 الف برمیل یومیاً في حقل غرب القرنة ـ 2 (حوالی 20 ملیون طن سنویاً). بـحلول نهایة عام 2016 ، إستثمرت شرکة لوک أویل 53.2 ملیار دولار في حقل غرب القرنة 3 – بأرباح قدرها 2.27 ملیار دولار.
ومع ذلک، رغم السجل الإیجابي لـنشاطات الشرکات الروسیة النفطیة في العراق فإن بعضها (نحو شرکة روسنفت) یفشل في السوق العراقي و یبدو أن الأمر یرجع إلی ضعف الدعم المهني لـعمل شرکات الوقود الروسیة فضلاً عن تقلیل المخاطر الموجودة في السوق العراقي.
الإستنتاج:
و وفقا لتحلیل الوضع في قطاعي النفط و الغاز العراقیین یمکن التوصل إلی ما یلي:
أولا، إن العراق إستطاع أن یثبت مکانته في اسواق النفط العالمیة خلال السنوات الـ10 الماضیة رغم التطورات السیاسیة غیر المستقرة والمؤسسات الحکومیة الضعیفة. کما أن العراق تمکن کلاعب فاعل من إتخاذ القرار في اوبک و جمعیة الدول المصدرة للغاز. إضافة إلی ذلک، توجد هناک میزة إضافیة للعراق وهي تتمثل في إحتیاطاته المذهلة غیر المتطورة في مجال النفط والغاز فضلاً عن تکالیف الإستخراج المنخفضة.
والثانی، قامت الشرکات النفطیة الروسیة بـالإستثمار الملحوظ في العراق ولها مشارکة فعالة في قطاع الوقود والطاقة. إن لـشرکات لوک أویل و غازبروم و باشنفت علاقة عمل جیدة مع الحکومة العراقیة. وفي نفس الوقت، توجد هناک مخاطر جسیمة بالنسبة لـشرکات النفط و الغاز الروسیة في العراق ویتمثل الأهم منها في العلاقات المعقدة بین الحکومة الفیدرالیة في بغداد و إقلیم کردستان فضلاً عن عدم إستتباب الأمن السیاسي والخلافات بین الدیانات الشيعية والسنية والخلافات الإجتماعیة في العراق.
ومن الشخصیات السیاسیة العراقیة و داعمیهم الأجانب یوجد هناک الکثیر من الأشخاص وهم علی إستعداد لإستخدام المشاکل السیاسیة الداخلیة لـتحقیق أهدافهم الشخصیة.
0 تعليق