المجلس الاستراتيجي، آنلاين – تقرير: اتفقت دول أوبك بلس على الزيادة التدريجية لإنتاج النفط خلال أشهر أيار وحزيران وتموز وتشمل هذه الزيادة إيران أيضاً، حيث تم الاتفاق على أن تكون الزيادة بمقدار 350 ألف برميل يومياً في شهر أيار ومثلها لشهر حزيران و 450 ألف برميل يومياً في شهر تموز القادم.
إعداد: رضا مجيد زادة، باحث في الاقتصاد السياسي للتنمية
حدث هذا الاتفاق في وقت أثيرت حالة من القلق في أوروبا خلال الأسبوعين المنصرمين بسبب بدء الموجة الثالثة لفيروس كورونا في الدول الأوربية وبالتالي انخفاض أسعار النفط هناك.
وكان معدل انخفاض أسعار النفط خلال الأسابيع الماضية بلغ حوالي 10 دولارات للبرميل الواحد.
يذكر أن الوكالة الدولية للطاقة كانت قد نشرت قبل هذا الانخفاض في أسعار النفط تقريراً أشارت فيه إلى أن وصول سعر برميل النفط حتى إلى 70 دولاراً لا يعني حدوث صدمة نفطية، حيث أن الطلب على النفط في سوق النفط العالمي خلال الربع الأخير من العام 2021 سيبلغ 1.4 مليون برميل نفط يومياً أكثر مما كان عليه خلال العام 2019، وبذلك يمكننا أن نرسم عدة سيناريوهات متباينة لهذه السوق ونقيّم تأثيرات ذلك على الاقتصاد الإيراني. أما السيناريوهات المحتملة فهي إما أن يكون من خلال استمرار الوضع الموجود حيث يتراوح سعر برميل النفط بين 50 – 60 دولاراً أو ارتفاع سعر النفط إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل الواحد أو أن ينخفض سعره إلى أقل من 50 دولاراً.
وفيما يخص السيناريو الأول وهو الأكثر احتمالاً فإن سوق عرض العملة الصعبة لن يتغير كثيراً عما عليه الآن. وفي إطار ذلك ونظراً لاحتساب سعر برميل النفط الواحد بأربعين دولاراً في الموازنة المعتمدة للعام 1400 الحالي وسقف الإنتاج اليومي من النفط بمعدل 800 ألف برميل مقارنة بمليون و نصف مليون برميل كانت قد طلبته الحكومة، فإن استمرار الوضع الموجود يعني أن سوق عرض العملات الصعبة يتناسب مع معدل التوقعات المفترضة لهذه السوق.
بالطبع ومع الأخذ بنظر الاعتبار الكمية التقريبية للإنتاج فهناك احتمال أن يحدث انخفاض في سوق عرض العملات الصعبة. ولكن يبدو أن معدل هذا الانخفاض يرتبط بمدى قدرة الصين على التقدم في مجال تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي الثنائي لخمس وعشرين سنة وشراء النفط الإيراني فضلاً عن وجود احتمال أن يرفع الحظر الاقتصادي الأميركي مع السماح ببيع النفط الإيراني بشكل أوسع.
في الوقت ذاته فإن سيناريو خفض سعر النفط العالمي إلى أقل من 50 دولاراً ومع وجود الحسم الذي ستقدمه إيران للصين عند شرائها للنفط الإيراني وهو يعني خفض أكثر لسوق عرض العملات الصعبة، فإن النتيجة ستكون زيادة لسعر العملات الصعبة في السوق الإيرانية وارتفاع مستوى التضخم مجدداً في الاقتصاد الإيراني مما يؤدي إلى احتمال تشديد التحديات الاقتصادية نظراً لتبعات التضخم الاقتصادي الذي حصل خلال العام المنصرم 1399 وتراجع معدلات سوق العمل والمهن والتداول الاقتصادي في إيران.
كذلك فإن السيناريو المتفائل الذي يعتمد على ارتفاع سعر برميل النفط لأكثر من 70 دولاراً وهو أقل الاحتمالات فإن سوق عرض العملات الصعبة سيكون بمعدل أكثر من المتوقع ويمكنه أن يخفض سعر العملة الصعبة في السوق غير الرسمية مما يؤدي إلى خفض معدل التضخم الاقتصادي.
لذا فإن تركيب هذا السيناريو مع احتمال إلغاء الحظر الاقتصادي الأميركي على إيران سيعني تحسين ظروف الاقتصاد الإيراني مستقبلاً.
وكملاحظة مهمة أخرى في سيناريو الأسعار هذا فإن آفاق الطلب الصيفي على النفط يمثل عاملاً مهماً آخر بهذا الخصوص.
فلو بدأت الموجة الثالثة لانتشار الكورونا في الدول الأوروبية وتم تشديد إجراءات السفر والتنقل وباقي الأمور المرتبطة بهذا الوباء مثل التباعد الاجتماعي فإن احتمال زيادة الطلب على النفط في الصيف سيصبح أقل كثيراً مما هو عليه وسيزداد احتمال خفض أسعار النفط في مثل هذه الظروف.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأخذ بنظر الاعتبار العوامل السياسية إلى جانب العوامل الاقتصادية يكتسب أهمية خاصة بهذا الشأن، وفي حالة إلغاء الحظر الاقتصادي الأميركي على إيران فإن حالة القلق بسبب خفض معدلات عرض النفط أو حدوث توتر في الشرق الأوسط ستقل أيضاً، وهذا يؤثر على أسعار النفط ويخفضها. وكلما ازداد احتمال حدوث سيناريو خفض أسعار النفط فإن الاقتصاد الإيراني سيتلقى ضربات أكثر بسبب زيادة العجز في الموازنة واحتمال زيادة التضخم مما يؤدي إلى آثار وتبعات سلبية كثيرة وواسعة أخرى على الاقتصاد الإيراني.
وإن أهم قناة تتأثر بسبب هذا الوضع هي السوق غير الرسمية لتداول العملات الصعبة الذي يؤثر بشكل مباشر على بعض المهن والأعمال والنشاطات الاقتصادية التي دأبت على تطبيق وضعها مع سعر العملات الصعبة في السوق غير الرسمية وهي بالتالي تؤثر على الحركة الإنتاجية في الاقتصاد الإيراني، إلى جانب تأثيرها السلبي على السوق الاستهلاكية من خلال عدم الاستقرار في أسعار السلع والبضائع وشيوع السلوك الاقتصادي غير السليم في التداول والتعامل في سوق العملات الصعبة والذهب.
0 تعليق