جدیدترین مطالب
المميزات والتداعيات الاستراتيجية لرد إيران التاريخي على الكيان الصهيوني
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: هناك رؤيتان مختلفتان حول عمليات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الكيان الصهيوني؛ الرؤية الإولى التي تقوم على قراءة سطحية ووصف اختزالي تقيّمها على أنها عمليات قليلة التأثير ومحدودة. أما الرؤية الثانية التي هي قراءة واقعية ترى الرد الإيراني فتح صفحة جديدة من “توازن القوى” و”منعطفاً” في المعادلات الإقليمية تظهر آثاره وتداعياته تدريجياً.
أحدث المقالات
المميزات والتداعيات الاستراتيجية لرد إيران التاريخي على الكيان الصهيوني
المجلس الاستراتيجي أونلاين ـ رأي: هناك رؤيتان مختلفتان حول عمليات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الكيان الصهيوني؛ الرؤية الإولى التي تقوم على قراءة سطحية ووصف اختزالي تقيّمها على أنها عمليات قليلة التأثير ومحدودة. أما الرؤية الثانية التي هي قراءة واقعية ترى الرد الإيراني فتح صفحة جديدة من “توازن القوى” و”منعطفاً” في المعادلات الإقليمية تظهر آثاره وتداعياته تدريجياً.
دروس حرب أوكرانيا للصين
ناقش المراقبون الهجوم الذي شنته روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، من جوانب مختلفة. كون حرب أوكرانيا قضية جيوسياسية بين روسيا بصفتها قوة عظمى والغرب بصفته تكتل قوى، يوفر أرضية لدراسة آثار هذه الحرب وتداعياتها على التنافس والمواجهة المحتملة بين الصين والولايات المتحدة بصفتهما قوتين عظميَين أخريَين. في الحقيقة، يحمل التوتر والمواجهة بين القوى العظمى دائماً دروساً كثيرة للقوى العظمى الأخرى. لذلك، يمكن طرح سؤال وهو: في ظل الخلافات الجدية والحادة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، ما هي دروس حرب أوكرانيا بالنسبة للصين في مواجهة قضية تايوان؟
تكمن أهمية هذا السؤال في وجود الكثير من المشتركات بين مزاعم روسيا حول المناطق الشرقية في أوكرانيا ومزاعم الصين حول تايوان. تدل ممارسات روسيا على أنها تعتبر الاعتراف بجمهوريتين مستقلتين شرق أوكرانيا عاملاً لتعزيز أمنها القومي في مواجهة الناتو. من جهة أخرى، ترى الصين أن تايوان جزء من أراضيها (وهو ادعاء أكثر شرعية وقبولاً من المنظور الدولي مقارنة بادعاءات روسيا حول شرق أوكرانيا) وإعادة ضمها إلى بر الصين الرئيسي تعزز موقع هذا البلد في شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي.
من ناحية أخرى، يدافع الغرب عن تايوان أمام الصين مثلما يدافع عن أوكرانيا أمام روسيا. في السنوات الأخيرة، قام الغرب بتزويد تايوان وأوكرانيا بالأسلحة المتطورة وتدريب قواتهما العسكرية. وعليه، من الواضح بالنسبة لقادة الصين أن نجاح روسيا في تحقيق أهدافها بأوكرانيا سيمهد الطريق أكثر من الماضي أمام سيطرتهم على تايوان. أما في حال فشل روسيا، فيزداد الأمر صعوبة وتعقيداً على الصين.
وفي سياق هذا التقييم، لم تستنكر الصين ولم تدعم الهجوم الروسي على أوكرانيا، على أمل أن لا تواجه معارضة روسيا في حال اضطرت للجوء إلى القوة للسيطرة على تايوان. بناء على التقييمات الأولية، فإن الدرس المثالي والأمر المطلوب للصين هو انتصار روسيا في أوكرانيا ليكون تمهيداً لسيطرة الصين على تايوان. كانت هذه الرؤية سائدة على الأجواء السياسية والإعلامية الصينية في الأيام الأولى لحرب أوكرانيا؛ لكن يبدو أن الصينيين ابتعدوا عن التفاؤل الأولي وعدّلوا موقفهم إلى حد ما في الأيام اللاحقة للحرب.
امتنعت الصين عن التصويت لصالح قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة ضد روسيا، وأرسلت مساعدات مالية لأوكرانيا وبينما كانت تستخدم مصطلحات مثل العملية أو الهجوم لوصف الأزمة الأوكرانية، استخدم وزير خارجيتها كلمة الحرب في نهاية المطاف. لكن ذلك لا يعني أن الصين بدأت تأخذ موقفاً حاداً ضد روسيا بل يعني أنها قلقة جداً من تبعات حرب أوكرانيا – مثل ارتفاع إسعار النفط – على اقتصادها. لذلك، ترغب الصين في وضع حد للحرب. في الحقيقة، فإن ردة فعل الغرب القائمة على فرض العقوبات من جهة، والتبعات السلبية للحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي من جهة أخرى، حملت درساً آخر للصين.
الدرس المهم الذي تلقّته الصين من حرب أوكرانيا بالنسبة لموضوع تايوان هو أن الغرب يتحين الفرص. قيام الدول الغربية بفرض 5 آلاف عقوبة على روسيا خلال 12 عاماً والمساعدات العسكرية التي ترسلها الولايات المتحدة و 12 دولة أوروبية إلى أوكرانيا، يدلان على أن حرب أوكرانيا تحولت إلى فرصة وذريعة للغرب لإضعاف روسيا بشدة. تدرك الصين جيداً أن السياسة الرسمية والمعلنة للولايات المتحدة هي مواجهة تزايد قوة الصين؛ ولذلك ستواجه ضغوطاً متماسكة من الولايات المتحدة وحلفائها في حال لجوءها للقوة لضم تايوان. في الحقيقة، لا تأبه الولايات المتحدة وحلفاؤها بحماية تايوان بل تنظر إلى الأخيرة كذريعة لفرض عقوبات اقتصادية شاملة على الصين وتريد الولايات المتحدة توظيف تلك الفرصة لإضعاف الصين. من الواضح أن أزمة تايوان المحتملة لن تؤدي إلى تبعات سلبية لأوروبا كالتي رافقت الحرب الأوكرانية مثل تدفق اللاجئين لكن “اختلاق الذرائع لاختلاق الحقائق” هو درس يبدو أن الصين قد تلقّته.
ترى الصين بوضوح أن دول شرق آسيا مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية تدعم العقوبات الغربية ضد روسيا، ليواكبها الغرب يوماً ما في العقوبات المحتملة ضد الصين. لذلك، فمن غير المتوقع من قادة الصين الذين أظهروا في السنوات الأخيرة حذراً وضبطاً للنفس في السياسة الخارجية أن يقعوا في الفخ الذي ربما نصبه الغرب لروسيا ووقعت الأخيرة فيه. لذلك، تراجع قادة بكين من تفاؤل الأيام الأولى للحرب وعادوا إلى الحذر وضبط النفس السائدين على سياستهم الخارجية ويمكن القول باطمئنان إنه طالما لم تنل الصين موقعاً أقوى بكثير من موقعها الحالي في تسلسل القوة في النظام الدولي، لن تلجأ تجاه تايوان إلى الأسلوب الذي لجأت إليها روسيا تجاه أوكرانيا. حيث أن تماسك الغرب في فرض العقوبات على روسيا حمل درساً لبكين بأن الغرب يبحث فقط عن ذريعة لإضعاف خصومه وأعدائه بشكل مشروع.
0 تعليق